المسند، والتقدير: لنا آلهة ثلاثة، أو في الوجود آلهة ثلاثة. فحذف المسند: لنا أو في الوجود، ثم حذف الموصوف: آلهة. فصارت الآية: {لَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ}. أو التقدير: لا تقولوا لنا، أو في الوجود ثلاثة آلهة. فحذف الخبر ثم التمييز المضاف إليه فصارت الآية: {لَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ}. ويحتمل أن يكون المحذوف المسند إليه، وتقديره: ولا تقولوا الله، والمسيح، وأمه ثلاثة. أي: لا تعبدوهما كما تعبدون الله، ولا تسووا بينهم في الرتبة والصفة. كقوله تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ} (المائدة: 73).

وذلك أنهم إذا أرادوا التسوية بين اثنين، قالوا: هما اثنان. . وإذا أرادوا إلحاق واحد باثنين، قالوا: هم ثلاثة. ولا يصح أن يكون التقدير: ولا تقولوا آلهتنا ثلاثة؛ لأن في هذا التقدير تقرير لثبوت آلهة، إذ النفي إذا سلط على جملة لا يتوجه إلى أحد طرفيها وإنما يتوجه للحكم المستفاد من الطرفين. فإن قلتَ: ليس أمراؤنا ثلاثة. فإنك تثبت بهذا القول أن لكم أمراء وتنفي أن يكون عددهم ثلاثة، فجائز أن يكون عددهم أقل من ثلاثة أو أكثر؛ ولذا فإن التقدير: لا تقولوا آلهتنا ثلاثة. فيه إثبات أن عدد الآلهة اثنان أو أكثر من ثلاثة، وهذا إشراك -والعياذ بالله-.

قوله الله -عز وجل- بعده: {إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ} يناقضه. وتأمل معي، قول الله تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ} (التوبة: 30) في قراءة من حذف التنوين، تنوين عزير. فلا يجوز أن يقدر مسند محذوف، وأن تعرب: {عُزَيْرٌ}: مبتدأ، و {ابْنُ}: صفته. ويكون التقدير: عزير بن الله معبودنا. هذا خطأ وإشراك؛ لأن فيه إثبات وتقرير الصفة للموصوف، أي: صفة ابن الله ثابتة لعزير. ولا يخفى عليك ما في هذا من فساد. والصواب: أنه لا حذف في الآية، وأن:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015