قضى على كل أمل لهم في الفوت والتفلت. ولا يخفى عليك ما في حذف جواب الشرط، وبناء الفعل: أخذوا للمجهول من إفادة التهويل والتفظيع.
ومن ذلك: قول الله تعالى: {لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ * قَالُوا لَا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ} (الشعراء: 49، 50) حيث أجاب السحرة وعيد فرعون وتهديده لهم بكلمة واحدة: {لَا ضَيْرَ}. أي: لا ضير علينا فيما تصنعه بنا: {إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ}. وهذا ينبئ بقوة الإيمان، وصدق اليقين إذا أجابوا توعده بكلمة واحدة، وكانت كالسهم النافذ الذي بدد كل وعيد وشتت كل تهديد.
وقد يأتي الكلام على الحذف، ثم تراه يحتمل أن يكون المحذوف هو المسند أو المسند إليه، على نحو ما ترى في قول الله تعالى: {قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} (يوسف: 18) ففي هذه الآية الكريمة يحتمل أن يكون المحذوف المسند إليه، وتقديره: فصبري صبر جميل أو فشأني وأمري صبر جميل. ويحتمل أن يكون المحذوف المسند، وتقديره: فصبر جميل أولَى بي، أو فصبر جميل أجمل. والصبر الجميل: هو الذي لا شكوى معه. وغير الجميل ما كان معه شكاية، ولكنه خير من عدمه. فيصح تفضيل الصبر الجميل عليه.
والأرجح، أن يكون المحذوف هو المسند إليه، إذ الآية الكريمة مسوقة لمدح يعقوب -عليه السلام- وحين يكون المحذوف والمسند إليه يكون الكلام دالًّا على حصول الصبر له. إذ التقدير: فأمري أو فصبري صبر جميل. أو على جعل المحذوف هو المسند، فليس في الكلام ما يدل دلالةً مباشرةً على حصول الصبر ليعقوب -عليه السلام- إذ تقديره: فصبر جميل بي أو فصبر جميل أجمل.