ونحوه كذلك: قول المتلمس:
ولو غير إخواني أرادوا نقيصتي ... جعلت لهم فوق العرانين ميسما
العرانين: مفردها: عرنين، وهو الأنف كله، أو ما صلب منه. والميسم: العلامة أو السمة؛ وذلك لأن الفعل الأول لما أسقط لأجل المفسر برز الكلام في صورة المبتدأ والخبر. كذا في (الكشاف).
ومن هنا، أفاد حذف المسند في الشواهد المذكورة الاختصاص والتوكيد. وقد اعتُرض على الزمخشري: بأن الاختصاص إنما يكون في الجملة الاسمية التي يقدم فيها المسند إليه على الخبر الفعلي، كما عرفنا. تقول: محمد يفعل كذا، قوله -عز وجل-: {وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا} (نوح: 17) والشواهد المذكورة ليست كذلك؛ لأنها جمل فعلية.
ويدفع هذا الاعتراض أمران:
أولهما: أنه لما أسقط الفعل برز الكلام في صورة الجملة الاسمية المبتدأ والخبر. كما ذكره الزمخشري.
ثانيهما: أن الاختصاص قد عُلق بلون، وهو حرف امتناع لامتناع كما هو معلوم.
أيضًا، من أحسن مواقع حذف المسند: ما ترى الجملة فيه قد بنيت على كلمة واحدة، كما في قول الله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ} (سبأ: 51) أي: فلا فوتَ لهم. فحذف المسند وبقيت كلمة واحدة: {فَلَا فَوْتَ}. وهذه الكلمة تراها كالطود الشامخ، والحادث المنيع الذي