حاصل إذا كان قائمًا. فستجد أن المحذوف أكثر من المذكور، وعلى الرغم من ذلك، فقد ازداد المثال جمالًا؛ بسبب الحذف، وبَدَا موجزًا أنيقًا. وأراك تشعر بما وراء قول القائل: إنَّ مالًا وإن إبلًا ولكن ولدًا. من اعتداد واعتزاز وقوة لا تكون لو قدر المحذوف فقيل: إن لنا مالًا ولكن لنا ولدًا؛ لأن استرخاء العبارة عندئذ يوحي بفتور الشعور، وضعف المعنى.
وتأمل بيت الأعشى الذي سبق ذكره:
إن محلًّا وإن مرتحلًا ... وإن في السفر إذا مضوا مهلًا
تجد أن الشاعر يصف سرعة الخاطفة في الحلول والارتحال، وكأن هذه السرعة التي يحسها بزوال الدنيا قد انعكست على عبارته، فطوى فيها كثيرا من الكلمات؛ لأن سياق المعنى في البيت طي وإضمار واختصار، حلول يخطفه الارتحال، وارتحال دائم وسفر لا أوبة له، كذا في (خصائص التراكيب)، وقد يفيد حذف المسند التأكيد والاختصاص، كما في قول الله تعالى: {قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفَاقِ} (الإسراء: 100). فالتقدير: لو تملكون تملكون، فأضمر المسند تملك الأول إضمارًا على شريطة التفسير، ولما أضمر الفعل انفصل الضمير أنتم، فأنتم: فاعل الفعل المضمر، و {تَمْلِكُونَ}: تفسيره. ودليل الحذف: لو؛ لأن "لو" لا تدخل إلا على الأفعال.
قال الزمخشري في (الكشاف): وهذا هو الوجه الذي يقتضيه علم الإعراب. فأما ما يقتضيه علم البيان فهو أن: {أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ}، فيه دلالة على الاختصاص، وأن الناس هم المختصون بالشح المتبالغ. ونحوه: قول حاتم: لو ذات سوار لطمتني، قالها عندما لطمته أَمة قد جاءته ببعير؛ ليفصده فنحره. ويعني بذات السوار: الحرة من النساء.