ومقاساة الألم، وينبئ بالتالي بشدة ما يلاقيه الشاعر، فلم تعد الآلام مقصورةً عليه، بل تجاوزته إلى جواده، فصار الجواد يشعر بما يشعر به ضابئ صاحبُه من ألم وضيق.

ومن ذلك قول عمرو بن امرئ القيس الخزرجي يخاطب مالك بن العجلان حين رد قضاءَه في واقعة للأوس والخزرج:

يا مال والسيد المعمم قد ... يبتره بعض الرأي والسرف

نحن بما عندنا وأنت بما ... عندك راض والرأي مختلف

مال: منادي مرخم، والأصل: يا مالك، وترخيم المنادَى مما يبرز حالَ المتكلم، وينبئ بآلام الشاعر وأحزانه. والمعمم: الذي عممه قومه، وارتضوا حكمه ورأيه. ويبتره: يعني: يقطعه، يريد: نحن بما عندنا من الرأي راضون؛ لأن رأينا هو الصواب والحق، وأنت بما عندك من رأي راض وقد قضيت به وحكمت، على الرغم من منافاته للصواب، ومجانبته للحق، فالرأي مختلف، والحق بجانب الشاعر، والصواب في رأيه. وعلى الرغم من ذلك لم يأخذ به مالك ولم يقض لعمرو، وهذا هو ما يؤلم الشاعر ويحزنه.

ومما يضاعف آلامه ويزيد أحزانه؛ أن القاضي ذو رأي وصاحب عقل راجح، أنه السيد المعمم قد عممه الجميع وارتضوا رأيه، ولكن لكل جواد كبوة ولكل عالم هفوة. فالسيد المعمم ذو العقل الراجح قد يبتره بعض الرأي، ويخونه التوفيق فيقضي بغير الصواب، وهذا ما قد حدث، وهذا هو الذي يؤلم عمرًا ويحزنه، ولذا تراه قد طوى المسند من الشطر الأول في البيت الثاني، فلم يقل: نحن بما عندنا راضون، بل حذف الرضا من جانبهم؛ لدلالة رضا المخاطب برأيه في الشطر الثاني عليه، حذف الرضا من جانبهم؛ لدلالة رضا المخاطب في الشطر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015