قلب، والثاني قصر إفراد، وإن كان القصد إلى مجرد الإخبار لعدم السعي من غير قصد إلى الرد على منازع فالترتيب للتقوي؛ وهكذا تنحو هذا النحو من الترديد بين التخصيص والتقوي في كل تركيب لم يقع فيه المسند إليه معرف بعد النفي مثبتًا كان الكلام أو منفيًا، والحَكم في ذلك هو المقام والسياق.

فإن كان المسند إليه نكرة كما في الصورتين السابقتين وهما الإثبات أو تأخر النفي أفاد التقديم التخصيص قطعًا؛ ليكون مسوغًا للابتداء بالنكرة، ويكون التخصيص على نوعين؛ تخصيص الجنس أو الواحد كقولك: رجل جاءني؛ أي: لا امرأة أو رجلان؛ لأن الأصل في النكرة أن تكون لواحد من الجنس، ويقع القصد بها تارةً إلى الجنس فقط وذلك حين يكون المخاطب بالمثال السابق قد عرف أن قد أتاك آت ولم يدرِ جنسه أرجل هو أم امرأة، أو اعتقد أنه امرأة، وتارةً إلى الوحدة فقط، كما إذا عرف المخاطب أن قد أتاك من هو من جنس الرجال ولم يدرِ أرجل هو أم رجلان أم أكثر؟

فتقديم النكرة على الفعل يفيد قصره عليها بأحد الاعتبارين اللذين سبق ذكرهما الجنس أو الوحدة، ومرد الفصل بين المقامين يرجع لحال المخاطَب؛ فإن كان النزاع في الجنس فالقصر عليه والتخصيص له، وإن كان النزاع في العدد فالتخصيص للعدد واحدًا أو مثنى أو جمعًا.

ويلحق بالجنس النوع بحسب الوصف كقولك: رجل طويل جاءني ردًّا على مَن ظن أنه قد أتاك قصير، وهذا كله هو المفهوم من كلام الإمام عبد القاهر في (دلائل الإعجاز) حيث يقول في وإذ قد عرفت الحكم في الابتداء بالنكرة في الاستفهام فابن الخبر عليه، فإذا قلت: رجل جاءني لم يصلح حتى تريد أن تعلمه أن الذي جاءك رجل لا امرأة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015