يخصهم بهذه الصفة ويدعي أنها لا تكون لغيرهم، وإنما أراد بيان أنهم فُرسان يمتطون صهوات الخيل ويقتنون الجياد منها.
ومثل ذلك قول الآخر:
وهم يضربون الكبش يبرق ... بيضه على وجهه من الدمائل سبائب
ف الكبش هو رئيس الجيش، والبيض واحده بيضة، وهي الخوذة التي توضَع على الرأس، والسبائب طرائق الدم، فالشاعر يريد أن ينبه السامع إلى شجاعته ليحقق الأمر ويؤكده، ولا يدع مجالًا للشك فيه، ولا يريد أن يدعي له الانفراد بهذه الصفة، وأن هذا الضرب لا يكون إلا منهم، فالقصد إلى تقوية الحكم إذن لا إلى التخصيص، ومن البين في ذلك قول عروة بن أبي أذنية:
سليمى أزمعت بينا ... فأين تقولها أين
فالقول هنا بمعنى الظن، أم يريد الشاعر أن يجعل إزماع الفراق خاصًّا بسليمى وأنه مقصور عليها دون سواها، ولا أن يرتب على ذلك أنه لم يزمع الفراق أحد من جماعتها سواه؛ إذ ذلك محال، ولكنه أراد بتقديم ذكرها أن يؤكد ويقوي الحكم، وأبين من هذا كله في إفادة تقوية الحكم دون التخصيص قوله تعالى: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ} (الفرقان: 3) فالمراد تأكيد أنهم خلق الله فليسو أهلًا للعبادة، ومحال أن يراد هنا التخصيص؛ لأن خلق الله ليس مقصورًا عليهم، فهو سبحانه يخلقهم ويخلق غيرهم، وهو خالق كل شيء.
ومثل حالة الإثبات حالة النفي المتأخر -كما قلنا عن المسند إليه- كما تقول: علي ما سعى في حاجتي، فإن كان القصد الرد على مَن زعم انفراد الضمير بعدم السعي دون علي أو على من زعم اشتراك الغير معه في عدم السعي، فالترتيب للتخصيص؛ أي: قصر عدم السعي على علي، والأول قصر