أخوك، فأخوك بدل من زيد، وقد دل على تقريره وإبرازه؛ لأن مفهومه هو مفهوم زيد، ومنه قول الله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} (الفاتحة: 6، 7) فصراط الذين أنعمت عليهم بدل من: {الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} وفيه بيان وإيضاح وزيادة تقرير لكون الصراط المستقيم هو صراط المنعم عليه بالإيمان والرضوان.
ومنها: التفصيل بعد الإجمال، والإيضاح بعد الإبهام؛ كما في قول الله تعالى: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا} (الفرقان: 68، 69) ف قوله: {يَلْقَ أَثَامًا} فيه إجمال للعقاب، وقوله بعده: {يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا} بدل من القول الأول وفيه تفصيل وإيضاح لما أجمل فيه.
ولا يخفى عليك ما للبيان والتفصيل بعد الإجمال من وقع في النفس؛ لأنه عند الإجمال تتطلع النفس وتستشرف إلى التفصيل، فعندما يأتي التفصيل يكون له وقعه وأثره، حيث أتى والنفس إليه متطلعة وله مترقبة، ومنه قول الشاعر:
وكنت كذي رجلين رجل صحيحة ... ورجل رمى فيها الزمان فشلَّت
ف في قوله: ذي رجلين إبهام وإجمال أزاله ووضحه البدل في قوله: رجل صحيحة ورجل رمى فيها الزمان فشلت، ومثله قول الآخر:
بلغنا السماء مجدنا وثناؤنا ... وإنا لنرجو فوق ذلك مظهرا
وفي قوله: بلغنا، إجمالًا، وقد جاء البدل مجدنا وثناؤنا مفصلًا وموضحًا لهذا الإجمال، ولا يخفى عليك أن البدل في البيت الأخير بدل اشتمال، وفي الشواهد السابقة بدل مطابق، ومن بدل الاشتمال أيضًا قولُك: سلب عمرو ثوبه، وأعجبني المعلم علمه، والغرض البلاغي من البدل في المثالين هو الإيضاح هو