والمعنى: والله الذي آمن الطير الملتجئة للحرم، والساكنة به للأمن من الاصطياد والأخذ، وقد حصل لها ذلك؛ إذ لا يجوز لأحد أخذها، بل الركبان القاصدون مكة المارون بين الغيل والسند تمسحها ولا تتعرض لها؛ فالطير عطف بيان للعائذات وهو غير مختص بها؛ لأن العائذات صادق على الطير وعلى غيره مما يعوذ بالحرم ويؤمنه الله -سبحانه وتعالى- فيه، وعند التأمل تجد أن عطف البيان في المثال الأول غير مختص أيضًا بمتبوعه؛ لأن الصداقة تطلق على خالد وعلى غيره؛ ولذا فالمهم أن يكون عطف البيان أخص من متبوعه؛ حتى يتحدد ويتضح ذلك المتبوع في ذهن السامع عندما ينصرف إلى تابعه.
ومنها: مدح المتبوع والدلالة على عظم شأنه كما في قول الله تعالى: {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ} (المائدة: 97) فالبيت الحرام عطف بيان للكعبة قصد به المدح والدلالة على عظم شأنها لا الإيضاح؛ لأن الكعبة أظهر من نار على علم، فليست في حاجة إلى إيضاح وبيان، وكان البيت الحرام مدحًا وتعظيمًا؛ لأن فيه دلالةً على أن هذا البيت موصوف بالحرمة والاحترام والمنع من كل امتهان وانتهاك.
ومنها: ذم المتبوع والدلالة على حقارته كما في قول الله تعالى: {وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ * مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ * يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ} (إبراهيم: 15 - 17) فالصديد بيان للماء قصد به الذم والدلالة على حقارته وامتهانه وقبحه؛ وذلك حتى ينزجر ذلك الجبار ويقلع عن عناده.
ومن التوابع البدل:
ويقع الإبدال من المسند إليه أو المسند أو أحد المتعلقات لأغراض بلاغية يقصد إليها المتكلم ويقتضيها المقام، أهمها زيادة التقرير والإيضاح؛ كقولك: جاء زيد