التفصيل بعد الإبهام والإجمال؛ لأن قولك: سلب عمرو، وأعجبني المعلم فيه إبهام وإجمال يظل معه المخاطب متعلقًا إلى إيضاحه ومستشرفًا إلى تفصيله؛ وعندئذ يأتي البدل ثوبه وعلمه موضحًا ومبينًا، فيقع المعنى في النفس موقعًا حسنًا ويثبت فيها ويرسخ.

ومن بدل البعض قولك: جاءني القوم أكثرهم وفيه -كما ترى- زيادة إيضاح وتقرير وبيان لما في المسند إليه وهو القوم من إجمال.

ومن الأغراض البلاغية للبدل القصد إلى المبالغة والتفنن في بناء العبارات، ويكثر هذا في بدل الغلط كما في قول البحتري:

ألمع برق سرى ... أم ضوء مصباح

أم ابتسامتها ... بالمنظر الضاحي

حيث أراد المبالغة في وصف الابتسامة ومدى وقعها عليه فتفنن في العبارة كما ترى، ومنه أيضًا قوله أيضًا في وصف الإبل الأمضاء:

كالقسي المعطفات ... بل الأسهم مبرية بل الأوتار

فقد قصد إلى المبالغة في وصف الإبل المهازيل، فتفنن في التشبيه مترقيًا عن طريق الإضراب من الدقيق إلى الأدق.

وبهذا يتضح لك أن نظرة البلاغي للتوابع تختلف عن نظرة النحوي، وما ذكرناه من كل الشواهد والأمثلة السابقة إنما هو على وجه التمثيل وإلا فالكلام في ذلك أكثر من أن تحصره محاضرة.

والبلاغي دائمًا ينظر إلى ما وراء هذه التوابع من دقائق وأغراض ومزايا جمالية، أما النحوي فينظر إلى أحكامها وكيفية استعمالها في الكلام؛ ولذا نجد النحوي مثلًا يسوي بين البدل المطابق وعطف البيان فيجعلهما شيئًا واحدًا، وليس الأمر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015