وقوله -جل وعلا -: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} (التوبة: 128) أو بذم كما في قوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} (النحل: 98) أو تأكيد لإظهار الفرح والسرور أو التأسف ونحو ذلك كقولك: أمس الدابر كان يومًا عظيمًا.

ومنها: أن يكون الوصف بيانًا للموصوف ومحددًا للمراد منه كما في قول الله تعالى: {وَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ} (النحل: 51) وذلك أن الاسم النكرة الحامل لمعنى الإفراد والتثنية دال على شيئين؛ الجنسية والعدد المخصوص، فإذا أريدت الدلالة على أن المعني به منهما والذي سِيق له الحديث هو العدد، شفع بما يؤكده، فدل به على القصد إليه والعناية به، ألا ترى أنك لو قلت: إنما هو إله ولم تؤكده بواحد، لم يحسن وخيل أنك تثبت الألوهية لا الوحدانية. وكذا إذا أريدت الدلالة على أن المعني به منهما الجنسية شفع بالصفة التي تبين ذلك، كما في قول الله تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ} (الأنعام: 38) فقد شفع لفظ {دَابَّةٍ} بـ {فِي الْأَرْضِ} ولفظ: {طَائِرٍ} ب ـ {يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ} لبيان أن القصد بهما إلى الجنسية لا إلى العدد، وفي ذلك زيادة لمعنى التعميم والإحاطة، كأنه قيل: وما من دابة قط في جميع الأراضين السبع، ولا طائر قط في جو السماء من جميع ما يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم.

ومنها إفادة الترحم وطلب المغفرة كما في قول الشاعر:

إلهي عبدك العاصي أتاك ... مقرًّا بالذنوب وقد دعاك

فقد وصف العبد التائب المقر بالذنوب بالعاصي؛ استعطافًا وطلبًا للمغفرة والرحمة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015