هذا؛ وعندما تقع الجملة صفة للنكرة يشترط فيها أن تكون خبرية؛ لأنها في المعنى حكم على صاحبها كالخبر، فلا يستقيم أن ت ك ون إنشائية، أما قول عبد الله بن رؤبة التميمي:

حتى إذا جن الظلام واختلط ... جاءوا بمَزق هل رأيت الذئب قط

جن الظلام؛ أي: أقبل أوله واختلاطه إنما يكون بعد ذهاب نور النهار كله، والمزق هو اللبن المخلوط بالماء، وهو مصدر بمعنى اسم المفعول، والشاعر يصف قومًا أضافوه فأطالوا عليه ثم أتوه بهذا المزق، فمعناه جاءوا بمزق يقال عند رؤيته: هل رأيت الذئب قط؟ فالجملة الاستفهامية ليست صفة وإنما هي مقول للصفة المحذوفة كما هو واضح.

من التوابع التأكيد:

يؤكد المسند إليه وكذا المسند أو أحد متعلقات الفعل ليتحقق بهذا التأكيد أغراض بلاغية يقصد إليها المتكلم؛ منها إبراز المؤكد وزيادة تقرير المعنى في ذهن السامع كقولك: هو يعطي الجزيل ويدفع الشدائد، فتقديم المسند إليه على خبره الفعلي في المثالين قد أفاد تأكيد المعنى وتقريره وإبراز المسند إليه لوقوعه في ابتداء الكلام، فانشغل الذهن به وتطلع إلى خبره، وأيضًا ب تكرير الإسناد؛ لأن الفعل أسند إلى الضمير المذكور مرتين؛ مرة باعتباره مبتدأً ومرة باعتباره فاعلًا.

ومنها: أيضًا دفع توهم التجوز كقولك: قطع الأمير نفسه السارقة، فلو لم تقل: نفسه، لجاز أن يتوهم أن القاطع غيره بأمره على ما جرت به العادة في ذلك.

ومنها: دفع توهم السهو كقولك: نجحت أنا، وأقبل زيد زيد، وجاءني محمد محمد، وقلت أنت هذا القول؛ فهذا التأكيد يدفع توهم السامع أن المتكلم سَهَا في إثبات الحكم لغير ما هو له.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015