والشاهد في البيتين تعريف المسند إليه بالإشارة؛ هذا في بيت ابن الرومي، وأولئك في بيت الحطيئة قصدًا إلى تمييزه أكمل تمييز لاقتضاء مقام المدح لهم.

ويمكن أن نعد من شواهد هذا الغرض أيضًا قول الفرزدق في علي بن الحسين سبق ذكره عندما تجاهله هشام بن عبد الملك:

هذا ابن خير عباد الله كلهم ... هذا التقي النقي الطاهر العلم

إلى آخر هذه الأبيات. فقد رد الفرزدق إنكار هشام بهذه الصفات وغيرها التي مدح بها علي بن الحسين في قصيدته، وجاءت مقررة مؤكدة بسبب تمييز المسند إليه أكمل تمييز، وذلك يرجع إلى تعريف المسند إليه بالإشارة وتكراره في الكلام الذي يشعر السامع أن هذه الصفات للم م دوح ذائعة شائعة فكيف يجهل الموصوف بها أو ينكر؟!

ويمكن أن نعد من شواهد هذا الغرض قول الشاعر:

وإذا تأمل شخص ضيف مقبل ... متسربل سربال ليل أغبر

أومى إلى الكوماء هذا طارق ... نحرتني الأعداء إن لم تنحر

فهنا يصف الشاعر ممدوحه بالجود، وأنه لا يرى شبح ضيف في جوف الليل إلا بادر إلى ناقته ينحرها لهم، وأومى تخفيف أومأ؛ أي: أشار، والكوماء الناقة الضخمة، والشاهد تعريف المسند إليه بالإشارة لتمييزه أكمل تمييز.

وأبين من ذلك قول الله تعالى في حادثة الإفك: {لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ} (النور: 12) قال: هذا، ولم يقل: هو؛ ليبرز المسند إليه ويحدده فيقع الحكم عليه بأنه إفك مبين بعد هذا التمييز والتجسيد، وفي ذلك كما يقول الدكتور أبو موسى في (خصائص التراكيب): كبير قدر من قوة الحكم وصدق اليقين من أنه إفك مبين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015