فَفَسَّرَ الْخَيْرَ بِالْأَمْرَيْنِ. قَالَ: وَأَظْهَرُ مَعَانِي الْخَيْرِ قُوَّةُ الْعَبْدِ بِدَلَالَةِ الْكِتَابِ: الِاكْتِسَابُ مَعَ الْأَمَانَةِ، فَأُحِبُّ أَنْ لَا يَمْتَنِعَ مِنْ مُكَاتَبَتِهِ إذَا كَانَ هَكَذَا. اهـ.
وَمِنْهَا: أَنَّهُ نَصَّ فِي " الْأُمِّ " فِي لَفْظَةِ " عِنْدَ " الْمُشْتَرَكُ بَيْنَ إفَادَةِ الْحُضُورِ وَالْمِلْكِ فِي حَدِيثِ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ «لَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَك» . قَالَ: وَكَانَ نَهْيُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَبِيعَ الْمَرْءُ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَبِيعَ بِحَضْرَتِهِ، فَيَرَاهُ الْمُشْتَرِي كَمَا يَرَاهُ الْبَائِعُ عِنْدَ تَبَايُعِهِمَا، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَبِيعَ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ مَا لَيْسَ يَمْلِكُ تَعْيِينَهُ فَلَا يَكُونُ مَوْضُوعًا مَضْمُونًا عَلَى الْبَائِعِ يُؤْخَذُ بِهِ، وَلَا فِي مِلْكِهِ، فَيَلْزَمُهُ أَنْ يُسَلِّمَهُ إلَيْهِ لِأَنَّهُ يُعَيِّنُهُ، وَعَنَى هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ.
وَمِنْهَا: حَمْلُهُ اللَّمْسَ فِي الْآيَةِ كَمَا سَبَقَ عَنْ الْقُشَيْرِيّ.
فَإِنْ قِيلَ: فَلِمَ لَمْ يُحْمَلْ الشَّفَقُ عَلَى مَعْنَيَيْهِ، بَلْ اعْتَبَرَ فِي آخِرِ وَقْتِ الْمَغْرِبِ غَيْبُوبَةَ الشَّفَقِ الْأَحْمَرِ؟ قُلْنَا: لِأَنَّهُ وَرَدَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ تَعْيِينُهُ بِالْأَحْمَرِ، فَلِهَذَا لَمْ يَقُلْ بِالِاشْتِرَاكِ.
وَأَمَّا [النَّقْلُ عَنْ] الْقَاضِي فَأَنْكَرَهُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ أَيْضًا: قَالَ لِأَنَّ مِنْ أَصْلِهِ الْوَقْفَ فِي صِيَغِ الْعُمُومِ، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ حَمْلُهَا عَلَى الِاسْتِغْرَاقِ إلَّا بِدَلِيلٍ فَمَنْ يَقِفُ فِي أَلْفَاظِ الْعُمُومِ كَيْفَ يَجْزِمُ فِي الْأَلْفَاظِ الْمُشْتَرَكَةِ بِالِاسْتِغْرَاقِ بِغَيْرِ دَلِيلٍ، وَإِنَّمَا الَّذِي ذَكَرَهُ فِي كُتُبِهِ إحَالَةُ الِاشْتِرَاكِ أَصْلًا، وَأَنَّ مَا يُظَنُّ مِنْ الْأَسْمَاءِ