تَنْبِيهَاتٌ

التَّنْبِيهُ الْأَوَّلُ

فِي تَحْرِيرِ النَّقْلِ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَالْقَاضِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ:

أَمَّا الشَّافِعِيُّ فَقَدْ اشْتَهَرَ عَنْهُ فِي كُتُبِ الْمُتَأَخِّرِينَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ، وَقَدْ أَنْكَرَ ذَلِكَ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ تَيْمِيَّةَ، وَقَالَ: لَيْسَ لِلشَّافِعِيِّ نَصٌّ صَرِيحٌ فِيهِ، وَإِنَّمَا اسْتَنْبَطُوا هَذَا مِنْ نَصِّهِ فِيمَا إذَا أَوْصَى لِمَوَالِيهِ، وَلَهُ مَوَالٍ أَعْلَى وَأَسْفَلَ أَوْ وَقَفَ عَلَى مَوَالِيهِ، فَإِنَّهُ يُصْرَفُ لِلْجَمِيعِ، وَهَذَا الِاسْتِنْبَاطُ لَا يَصِحُّ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ يَرَى أَنَّ اسْمَ الْمَوَالِي مِنْ الْأَسْمَاءِ الْمُتَوَاطِئَةِ، وَأَنَّ مَوْضُوعَهُ لِلْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الْمُولِيَيْنِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ هَذَا أَنْ يُحْكَى عَنْهُ قَاعِدَةٌ كُلِّيَّةٌ فِي الْأَسْمَاءِ الَّتِي لَا شَرِكَةَ بَيْنَ مَعَانِيهَا، وَإِنَّمَا الِاشْتِرَاكُ بَيْنَهُمَا فِي مُجَرَّدِ اللَّفْظِ قُلْت: وَهَذَا نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي " الْكِفَايَةِ " عَنْ شَيْخِهِ الشَّرِيفِ عِمَادِ الدِّينِ وَأَنَّ تَنَاوُلَ الِاسْمِ لَهُمَا مَعْنًى وَاحِدٌ عَلَى جِهَةِ التَّوَاطُؤِ وَهِيَ الْمُوَالَاةُ وَالْمُنَاصَرَةُ، ثُمَّ نَازَعَ فِيهِ فِي بَابِ الْوَصِيَّةِ مِنْ " الْمَطْلَبِ " بِأَنَّ هَذَا يَقْتَضِي التَّصْحِيحَ وَصَرْفَ الرِّيعِ وَالْوَصِيَّةَ إلَيْهِمَا، وَالسُّؤَالُ إنَّمَا يُتَّجَهُ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ. اهـ.

وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ مَوَالِيَهُ جَمْعٌ مُضَافٌ، فَالتَّعْمِيمُ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ لَا مِنْ جِهَةِ الِاشْتِرَاكِ، لَكِنَّ كَلَامَ الشَّافِعِيِّ فِي مَوَاضِعَ يَدُلُّ لِلْقَوْلِ الْأَوَّلِ، مِنْهَا: أَنَّهُ احْتَجَّ فِي " الْأُمِّ " عَلَى اسْتِحْبَابِ الْكِتَابَةِ فِيمَا إذَا جَمَعَ الْعَبْدُ بَيْنَ الْأَمَانَةِ وَالْقُوَّةِ عَلَى الْكَسْبِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور: 33]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015