الْمُشْتَرَكَةِ هِيَ عِنْدَهُ مِنْ الْأَسْمَاءِ الْمُتَوَاطِئَةِ.
قُلْت: وَمِمَّنْ اسْتَشْكَلَ ذَلِكَ الْإِبْيَارِيُّ وَتَابَعَهُ الْقَرَافِيُّ، لَكِنَّ الْقَاضِيَ إنَّمَا يُنْكِرُ وَضْعَهَا لِلْعُمُومِ وَلَا يُنْكِرُ اسْتِعْمَالَهَا وَكَلَامُنَا فِي الِاسْتِعْمَالِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ فَرَّعَهُ عَلَى الْقَوْلِ بِصِيَغِ الْعُمُومِ، عَلَى أَنَّ الَّذِي رَأَيْتُهُ فِي " التَّقْرِيبِ " لِلْقَاضِي بَعْدَ أَنْ قَرَّرَ صِحَّةَ إرَادَةِ الْمَعْنَيَيْنِ مِنْ الْمُتَكَلِّمِ. قَالَ: فَإِنْ قِيلَ: هَلْ يَصِحُّ أَنْ يُرَادَ الْمَعْنَيَانِ، أَيْ يُحْمَلُ عَلَيْهِمَا بِالظَّاهِرِ أَمْ بِدَلِيلٍ يَقْتَرِنُ بِهِمَا؟ قِيلَ: بَلْ بِدَلِيلٍ يَقْتَرِنُ بِهِمَا لِمَوْضِعِ احْتِمَالِهِمَا لِلْقَصْدِ تَارَةً إلَيْهِمَا وَتَارَةً إلَى أَحَدِهِمَا، وَكَذَلِكَ سَبِيلُ كُلِّ مُحْتَمَلٍ مِنْ الْقَوْلِ، وَلَيْسَ بِمَوْضُوعٍ فِي الْأَصْلِ لِأَحَدِ مُحْتَمَلَيْهِ. اهـ.
وَزَادَ عِنْدَ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ فِي " تَلْخِيصِ التَّقْرِيبِ " فَإِنَّا نَقُولُ: إذَا احْتَمَلَ إرَادَةَ الْمَعْنَيَيْنِ وَاحْتَمَلَ تَخْصِيصَ اللَّفْظِ بِأَحَدِهِمَا فَيَتَوَقَّفُ فِي مَعْنَى اللَّفْظِ عَلَى قَرِينَةٍ تَدُلُّ عَلَى الْجَمْعِ وَالتَّخْصِيصِ، وَكَيْفَ لَا نَقُولُ ذَلِكَ وَنَحْنُ عَلَى نُصْرَةِ نَفْيِ صِيغَةِ الْعُمُومِ؟ انْتَهَى. فَظَهَرَ أَنَّ الصَّوَابَ فِي النَّقْلِ عَنْ الْقَاضِي: الْمَذْهَبُ الثَّالِثُ وَهُوَ التَّوَقُّفُ.
التَّنْبِيهُ الثَّانِي
إنَّ الْخِلَافَ فِي حَمْلِ الْمُشْتَرَكِ عَلَى مَعَانِيهِ إنَّمَا هُوَ فِي الْكُلِّيِّ الْعَدَدِيِّ أَيْ فِي كُلِّ فَرْدٍ فَرْدٍ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَجْعَلَهُ يَدُلُّ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى حِدَتِهِ بِالْمُطَابَقَةِ فِي الْحَالَةِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى الْمَعْنَى الْآخَرِ بِهَا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْكُلِّيُّ الْمَجْمُوعَ أَيْ بِجَعْلِ مَجْمُوعِ الْمَعْنَيَيْنِ مَدْلُولًا مُطَابِقًا كَدَلَالَةِ الْخَمْسَةِ عَلَى آحَادِهَا، وَلَا الْكُلِّيِّ الْبَدَلِيِّ أَيْ: بِجَعْلِ كُلِّ وَاحِدٍ مَدْلُولًا مُطَابِقًا عَلَى الْبَدَلِ. ذَكَرَهُ صَاحِبُ " التَّحْصِيلِ ".