التَّجَلِّي. وَقَالَ الْقَاضِي فِي (مُخْتَصَرِ التَّقْرِيبِ) : وَهَذَا مَا ارْتَضَاهُ مَنْ خَاضَ فِي الْأُصُولِ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ. وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ: إنَّهُ الصَّحِيحُ عِنْدَنَا، لِأَنَّ كُلَّ مَا كَانَ إيضَاحًا لِمَعْنًى وَإِظْهَارًا لَهُ، فَهُوَ بَيَانٌ لَهُ. وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ بِأَنَّ لَفْظَ الْبَيَانِ أَظْهَرُ مِنْ لَفْظِ إخْرَاجِ الشَّيْءِ مِنْ حَيِّزِ الْإِشْكَالِ إلَى حَيِّزِ التَّجَلِّي. وَلِلصَّيْرَفِيِّ مَنْعُ ذَلِكَ. وَنُقِضَ أَيْضًا بِالنُّصُوصِ الْوَارِدَةِ فِي الْحُكْمِ الْمُبْتَدَأِ مِنْ غَيْرِ سَبْقِ إشْكَالٍ، فَإِنَّهُ رُبَّمَا وَرَدَ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى بَيَانٌ لَمْ يَخْطُرْ بِبَالِ أَحَدٍ. وَيَخْرُجُ مِنْهُ بَيَانُ الْمَعْدُومِ، فَإِنَّهُ لَا يُقَالُ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَبَيَانُ الْمُعَلِّمِ لِمَنْ لَا يَفْهَمُ عَنْهُ لِقُصُورِهِ. وَلَعَلَّهُ يَمْنَعُ تَسْمِيَةَ مَا كَانَ ظَاهِرًا ابْتِدَاءً بَيَانًا. وَقَالَ الْغَزَالِيُّ: هَذَا الْحَدُّ لِفَرْعٍ مِنْ الْبَيَانِ، وَهُوَ بَيَانُ الْمُجْمَلِ خَاصَّةً، وَالْبَيَانُ يَكُونُ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ. اهـ. وَلَاحَظَ الْقَاضِي، وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ، وَالْغَزَالِيُّ، وَالْآمِدِيَّ، وَالْإِمَامُ الرَّازِيَّ، وَأَكْثَرُ الْمُعْتَزِلَةِ كَأَبِي هَاشِمٍ، وَأَبِي الْحُسَيْنِ: أَنَّهُ الدَّلِيلُ فَحَدُّوهُ بِأَنَّهُ الدَّلِيلُ الْمُوَصِّلُ بِصَحِيحِ النَّظَرِ فِيهِ إلَى الْعِلْمِ أَوْ الظَّنِّ بِالْمَطْلُوبِ. اهـ. وَلَاحَظَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيُّ أَنَّهُ نَفْسُ الْعِلْمِ أَوْ الظَّنِّ الْحَاصِلِ مِنْ الدَّلِيلِ، فَحَدَّهُ بِأَنَّهُ تَبْيِينُ الشَّيْءِ، فَهُوَ وَالْبَيَانُ عِنْدَهُ وَاحِدٌ. كَذَا قَالَهُ الْهِنْدِيُّ تَبَعًا لِلْغَزَالِيِّ. وَحَكَى أَبُو الْحُسَيْنِ عَنْهُ أَنَّهُ الْعِلْمُ الْحَادِثُ، لِأَنَّ الْبَيَانَ هُوَ مَا بِهِ يَتَبَيَّنُ الشَّيْءُ، وَاَلَّذِي بِهِ تَبَيُّنٌ هُوَ الْعِلْمُ الْحَادِثُ. قَالَ: وَلِهَذَا لَا يُوصَفُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِأَنَّهُ مُبَيَّنٌ، لَمَّا كَانَ عِلْمُهُ لِذَاتِهِ لَا بِعِلْمٍ حَادِثٍ.