ُ قَالَ الْغَزَالِيُّ: جَرَتْ عَادَةُ الْأُصُولِيِّينَ بِعَقْدِ كِتَابٍ لَهُ. وَلَيْسَ النَّظَرُ فِيهِ مِمَّا يَجِبُ أَنْ يُسَمَّى كِتَابًا، فَالْخَطْبُ فِيهِ يَسِيرٌ، وَالْأَمْرُ فِيهِ قَرِيبٌ، وَأَوْلَى الْمَوَاضِعِ بِهِ أَنْ يُذْكَرَ عَقِبَ الْمُجْمَلِ، فَإِنَّهُ الْمُفْتَقِرُ إلَى الْبَيَانِ. اهـ. وَأَمْرُهُ لَيْسَ بِالسَّهْلِ، فَإِنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ أَسَالِيبِ الْخِطَابِ، بَلْ هُوَ مِنْ أَهَمِّهَا، وَلِهَذَا صَدَّرَ بِهِ الشَّافِعِيُّ كِتَابَ " الرِّسَالَةِ ".
وَالْبَيَانُ لُغَةً: اسْمُ مَصْدَرِ بَيَّنَ إذَا أُظْهِرَ، يُقَالُ: بَيَّنَ بَيَانًا وَتِبْيَانًا، كَ كَلَّمَ يُكَلِّمُ كَلَامًا، وَتَكْلِيمًا، قَالَ ابْنُ فُورَكٍ فِي كِتَابِهِ: مُشْتَقٌّ مِنْ الْبَيْنِ، وَهُوَ الْفِرَاقُ، شُبِّهَ الْبَيَانُ بِهِ، لِأَنَّهُ يُوَضِّحُ الشَّيْءَ، وَيُزِيلُ إشْكَالَهُ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيَّ: سُمِّيَ بَيَانًا لِانْفِصَالِهِ مِمَّا يَلْتَبِسُ بِهِ مِنْ الْمَعَانِي، وَيُشْكِلُ مِنْ أَجْلِهِ. وَأَمَّا فِي الِاصْطِلَاحِ: فَيُطْلَقُ عَلَى الدَّالِّ عَلَى الْمُرَادِ بِخِطَابٍ ثُمَّ يَسْتَقِلُّ بِإِفَادَتِهِ، وَيُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ الدَّلِيلُ عَلَى الْمُرَادِ، وَيُطْلَقُ عَلَى فِعْلِ الْمُبَيِّنِ. وَلِأَجْلِ إطْلَاقِهِ عَلَى الْمَعَانِي الثَّلَاثَةِ اخْتَلَفُوا فِي تَفْسِيرِهِ بِالنَّظَرِ إلَيْهَا، فَلَاحَظَ الصَّيْرَفِيُّ فِعْلَ الْمُبَيِّنِ، فَقَالَ: الْبَيَانُ إخْرَاجُ الشَّيْءِ مِنْ حَيِّزِ الْإِشْكَالِ إلَى حَيِّزِ