لِلتَّعْرِيفِ مِنْ اطِّرَادِهِ وَانْعِكَاسِهِ، وَصَرَاحَةِ أَلْفَاظِهِ. ثَالِثَهَا: دَعْوَى الْمَدْلُولِيَّةِ، وَهُوَ أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ مَوْضُوعٌ لِهَذَا الْمَعْنَى لُغَةً أَوْ شَرْعًا فَهَذَا يُمْنَعُ وَيُسْتَدَلُّ عَلَيْهِ، وَهَذَا قَالَهُ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ فِي كِتَابِهِ " نِهَايَةِ الْعُقُولِ "، وَكَذَلِكَ قَيَّدَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ إطْلَاقَهُمْ مَنْعَ اكْتِسَابِهِ بِالْبُرْهَانِ. قَالَ: أَمَّا لَوْ أُرِيدَ بِالْإِنْسَانِ حَيَوَانٌ نَاطِقٌ مَدْلُولُهُ لُغَةً أَوْ شَرْعًا فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ النَّقْلِ. رَابِعَهَا: أَنْ يُرَادَ بِهِ أَنَّ ذَاتَ الْإِنْسَانِ مَحْكُومٌ عَلَيْهَا بِالْحَيَوَانِيَّةِ وَالنَّاطِقِيَّةِ فَيَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْمَنْعُ وَالْمُطَالَبَةُ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ حَدًّا بَلْ دَعْوًى. ذَكَرَهُ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ أَيْضًا.
وَقَالَ فِي " الْمُلَخَّصِ ": هَذَا بِحَسَبِ الِاسْمِ، أَمَّا إذَا كَانَ بِحَسَبِ الْحَقِيقَةِ، وَهُوَ أَنْ يُشِيرَ إلَى مَوْجُودٍ مُعَيَّنٍ، وَيَزْعُمَ أَنَّ حَقِيقَتَهُ مُرَكَّبَةٌ مِنْ كَذَا وَكَذَا، فَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْحُجَّةِ، وَاَلَّذِي أَطْلَقَهُ هُنَا ابْنُ سِينَا فِي كُتُبِهِ امْتِنَاعُ الِاكْتِسَابِ لِلْحَدِّ بِطَرِيقِ الْبُرْهَانِ مُطْلَقًا. وَذُكِرَ عَنْ " أَفْلَاطُونَ " أَنَّهُ يُكْتَسَبُ بِالْقِسْمَةِ، وَزَيَّفَهُ. فَإِنْ قِيلَ: مَا ذَكَرْتُمُوهُ يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ النَّقْضُ وَالْمُعَارَضَةُ عَلَى الْحَدِّ، وَقَدْ اتَّفَقَ النُّظَّارُ عَلَى تَوَجُّهِهِمَا. ثُمَّ أَجَابَ بِأَنَّ الْحَقَّ عِنْدَنَا: أَنَّ الْحَدَّ مَا لَمْ يَنْضَمَّ إلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الدَّعَاوَى، فَإِنَّهُ لَا يَتَوَجَّهُ إلَيْهِ النَّقْضُ، وَإِنَّمَا يَتَوَجَّهُ النَّقْضُ عَلَى تَسْلِيمِ بُعْدِ الْحَدِّ. مِثَالُهُ: إذَا قِيلَ: الْعِلْمُ هُوَ الَّذِي يَصِحُّ مِنْ الْمَوْصُوفِ بِهِ أَحْكَامُ الْفِعْلِ،