فَتَحَصَّلْنَا فِيهِ عَلَى مَذَاهِبَ: يَقْتَضِيهِ مُطْلَقًا. يَقْتَضِيهِ مَرَّةً وَاحِدَةً. لَا يَقْتَضِيهِ بَلْ يُوقَفُ إلَى الدَّلِيلِ مِنْ خَارِجٍ، وَهُوَ الْمَنْقُولُ عَنْ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ، وَاخْتَارَهُ فِي الْمَحْصُولِ "، وَيَجِيءُ مِمَّا سَبَقَ فِي الْأَمْرِ مَذْهَبٌ آخَرُ بِالتَّفْصِيلِ مِنْ أَنْ يَرْجِعَ إلَى قَطْعِ الْوَاقِعِ فَلِلْمَرَّةِ، كَقَوْلِك لِلْمُتَحَرِّكِ: لَا تَتَحَرَّكْ، وَإِنْ رَجَعَ إلَى اتِّصَالِ الْوَاقِعِ وَاسْتِدَامَتِهِ فَلِلدَّوَامِ، كَقَوْلِك لِلْمُتَحَرِّكِ: لَا تَسْكُنْ. أَمَّا النَّهْيُ الْمُقَيَّدُ بِشَرْطٍ أَوْ صِفَةٍ فَالْخِلَافُ السَّابِقُ فِي الْأَمْرِ فِي اقْتِضَائِهِ التَّكْرَارَ يَأْتِي هُنَا، فَمَنْ قَالَ: النَّهْيُ لَا يَقْتَضِي بِمُجَرَّدِهِ التَّكْرَارَ وَالدَّوَامَ قَالَ بِهِ هَاهُنَا. قَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ وَالشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَتَكَرَّرُ وَهُوَ آكَدُ مِنْ مُطْلَقِهِ بِخِلَافِ الْأَمْرِ؛ لِأَنَّ مُطْلَقَ النَّهْيِ التَّكْرَارُ فَالْمُعَلَّقُ عَلَى الشَّرْطِ أَوْلَى. وَقَالَ إلْكِيَا الْهِرَّاسِيّ: النَّهْيُ الْمُقَيَّدُ بِشَرْطٍ أَوْ صِفَةٍ لَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ بِخِلَافِ النَّهْيِ الْمُطْلَقِ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَيَّدَهُ بِوَصْفٍ صَارَ مَغْلُوبًا عَلَى الِاعْتِمَادِ مُخْتَصًّا بِهِ، فَلَوْ اقْتَضَى التَّكْرَارَ مَعَ فَهْمِ تَعَدُّدِهِ كَانَ كَالْأَمْرِ. وَحَكَى صَاحِبُ الْوَاضِحِ " عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ النَّهْيِ الْمُعَلَّقِ بِشَرْطٍ، وَبَيْنَ النَّهْيِ الْمُطْلَقِ، فَحَمَلَ الْمُطْلَقَ عَلَى التَّأْبِيدِ، وَفَصَّلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَمْرِ، وَحَمَلَ النَّهْيَ الْمُعَلَّقَ بِشَرْطٍ عَلَى أَنَّهُ لَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ سَوَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَمْرِ، وَمَثَّلَهُ بِالسَّيِّدِ إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ: لَا تَسْقِنِي الْمَاءَ إذَا دَخَلَ زَيْدٌ الدَّارَ، فَدَخَلَ زَيْدٌ دَفْعَةً وَاحِدَةً كَفَى، وَلَا يَجِبُ أَنْ يُمْنَعَ مِنْ سَقْيِهِ كُلَّ دَفْعَةٍ يَدْخُلُ زَيْدٌ الدَّارَ.
ُ؟ فِيهِ طَرِيقَانِ: