انْتِهَاءَ إلَّا بِعَدَمِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ مِنْ قِبَلِهِ، وَلَا يَتِمُّ الِانْعِدَامُ مِنْ قِبَلِهِ إلَّا بِالثُّبُوتِ عَلَيْهِ قَبْلَ الْفِعْلِ فَلَا يُتَصَوَّرُ تَكْرَارُهُ بِخِلَافِ الْأَمْرِ بِالْفِعْلِ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ الْمُسْتَمِرَّ لَهُ حَدٌّ يُعْرَفُ وُجُودُهُ بِحَدِّهِ ثُمَّ يُتَصَوَّرُ التَّكْرَارُ بَعْدَهُ. وَقَالَ الْمَازِرِيُّ: حَكَى غَيْرُ وَاحِدٍ الِاتِّفَاقَ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ يَقْتَضِي الِاسْتِيعَابَ لِلْأَزْمِنَةِ بِخِلَافِ الْأَمْرِ، لَكِنَّ الْقَاضِيَ عَبْدَ الْوَهَّابِ حَكَى قَوْلًا أَنَّهُ كَالْأَمْرِ فِي اقْتِضَائِهِ الْمَرَّةَ الْوَاحِدَةَ، وَلَمْ يُسَمِّ مَنْ ذَهَبَ إلَيْهِ، وَالْقَاضِي وَغَيْرُهُ أَجْرَوْهُ مَجْرَى الْأَمْرِ فِي أَنَّهُ لَا يَقْتَضِي الِاسْتِيعَابَ. وَقَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ السُّهَيْلِيُّ فِي كِتَابِ أَدَبِ الْجَدَلِ ": النَّهْيُ الْمُطْلَقُ يَقْتَضِي التَّكْرَارَ فِي قَوْلِ الْجُمْهُورِ، وَسَمِعْت فِيهِ وَجْهًا آخَرَ أَنَّهُ يَقْتَضِي الِاجْتِنَابَ عَنْ الْفِعْلِ فِي الزَّمَنِ الْأَوَّلِ وَحْدَهُ، وَهَذَا مِمَّا لَا يَجُوزُ حِكَايَتُهُ لِضَعْفِهِ وَسُقُوطِهِ. انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْوَاضِحِ ": النَّهْيُ يَقْتَضِي التَّكْرَارَ، وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيُّ: لَا يَقْتَضِيهِ، وَهَذَا النَّقْلُ عَنْ الْقَاضِي يُخَالِفُهُ نَقْلُ الْمَازِرِيُّ، وَهُوَ الصَّوَابُ. وَمِمَّنْ نَقَلَ الْخِلَافَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآمِدِيُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ، وَاخْتَارَ الْإِمَامُ فِي الْمَحْصُولِ " أَنَّهُ لَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ كَمَا لَا يَقْتَضِيهِ فِي الْأَمْرِ. وَقَالَ سُلَيْمٌ الرَّازِيَّ: النَّهْيُ يَقْتَضِي التَّكْرَارَ، وَعَنْ بَعْضِ الْأَشْعَرِيَّةِ أَنَّهُ يَقْتَضِي الْكَفَّ عَقِبَ لَفْظِ النَّهْيِ.