اقْتِضَاءِ الْحُسْنِ سَوَاءٌ بِخِلَافِ النَّهْيِ، فَإِنَّهُ يَقْتَضِي قُبْحَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ، وَالِانْتِهَاءُ عَنْ الْقَبِيحِ وَاجِبٌ، فَأَمَّا إتْيَانُ الْحَسَنِ فَلَيْسَ بِوَاجِبٍ، وَلِهَذَا فَرَّقُوا.
[يَجِيءُ النَّفْيُ فِي مَعْنَى النَّهْيِ] وَقَدْ يَجِيءُ النَّفْيُ فِي مَعْنَى النَّهْيِ، وَيَخْتَلِفُ حَالُهُ بِحَسَبِ الْمَعَانِي: مِنْهَا أَنْ يَكُونَ نَهْيًا وَزَجْرًا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى {مَا كَانَ لأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا} [التوبة: 120] وَمِنْهَا: أَنْ يَكُونَ تَعْجِيزًا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا} [النمل: 60] . وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ تَنْزِيهًا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ} [مريم: 35] ذَكَرَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ فِي سُورَةِ مَرْيَمَ.
ِ] النَّهْيُ يُفَارِقُ الْأَمْرَ فِي الدَّوَامِ وَالتَّكْرَارِ فَإِنَّ فِي اقْتِضَاءِ الْأَمْرِ التَّكْرَارَ خِلَافًا مَشْهُورًا، وَهَا هُنَا قَطَعَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الصَّيْرَفِيُّ وَالشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ بِأَنَّ النَّهْيَ الْمُطْلَقَ يَقْتَضِي التَّكْرَارَ وَالدَّوَامَ، وَنَقَلَ الْإِجْمَاعَ فِيهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الْإسْفَرايِينِيّ وَابْنُ بَرْهَانٍ، وَكَذَا قَالَهُ أَبُو زَيْدٍ فِي التَّقْوِيمِ ". وَأَمَّا الْخِلَافُ فِي أَنَّ الْأَمْرَ هَلْ يَقْتَضِي التَّكْرَارَ أَمْ لَا؟ فَلَا يُتَصَوَّرُ مَجِيئُهُ فِي النَّهْيِ؛ لِأَنَّ الِانْتِهَاءَ عَنْ النَّهْيِ مِمَّا يَسْتَغْرِقُ الْعُمُرَ إنْ كَانَ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ لَا