رجلًا يقعد له بطريقه، وأمره أن يقرأ شيئًا من القرآن ويتعمد اللحن فقرأ: {أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} - بالجر" فاستعظم ذلك أبو الأسود وقال: عز وجه الله؟ إن الله لا يبرأ من رسوله. ثم رجع من فوره إلى زياد فقال: يا هذا، قد أجبتك إلى ما سألت"1.
وينقل ابن النديم رواية تدل على أن عليًّا هو أول من وضع النحو وذلك إذ يقول: "قال محمد بن إسحاق زعم أكثر العلماء أن النحو أخذ عن أبي الأسود الدؤلي، وأن أبا الأسود أخذ ذلك عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب"2. بل أكثر من هذا يروي ابن الأنباري نصًّا دفع به علي لأبي الأسود جاء فيه: "الكلام كله اسم وفعل وحرف.
فالاسم ما أنبأ عن المسمى، والفعل ما أنبئ به، والحرف ما أفاد معنى. واعلم أن الأسماء ثلاثة: ظاهر ومضمر واسم لا ظاهر ولا مضمر ... " ثم يمضي ابن الأنباري قائلًا: ثم وضع أبو الأسود بابي العطف والنعت، ثم بابي التعجب والاستفهام إلى أن وصل إلى باب إن وأخواتها ما خلا لكن، فلما عرضها على علي أمره بضم لكن إليها، وكلما وضع بابًا من أبواب النحو عرضه عليه3.
ولكن ابن النديم يعود فيذكر رواية أخرى تثبت هذا الوضع لأبي الأسود، وذلك في فصل عقده بعنوان: "سبب يدل على أن من وضع النحو كلامًا أبو الأسود الدؤلي" ذكر فيه أنه رأى بنفسه أربعة أوراق قديمة كتب عليها: "هذه فيها كلام في الفاعل والمفعول من أبي الأسود الدؤلي رحمة الله عليه بخط يحيى بن يعمر. وتحت هذا الخط بخط عتيق هذا خط علان النحوي: وتحته: هذا خط النضر بن شميل"4: