وغيره من أئمة اللغة ورواتها، ويقول ردًّا على من سأله كيف يستشهد في الكشاف بشعر لأبي تمام: "اجعل ما ينظمه بمنزلة ما يرويه".

يشير إلى مجموع أبي تمام المعروف باسم "ديوان الحماسة" والذي تلقاه العلماء بالقبول والثقة. وإذا كان الزمخشري يصرح بثقته في شعر أبي تمام وأضرابه ولذا فهو يستشهد به، فهناك من اللغويين من استشهد في استخفاء بشعراء من هذه الطبقة. ومن هؤلاء الخليل بن أحمد الذي استشهد في "العين" بحفص الأموي وبشار بن برد1. ونسب إلى سيبويه أنه استشهد في كتابه ببيت لبشار بعد أن توعده بالهجاء. "وأصحاب بشار يروون له هذا البيت:

وما كل ذي لب بمؤتيك نصحه ... وما كل مؤت نصحه بلبيب

وفي كتاب سيبويه نصف هذا البيت الآخر، وهو في باب الإدغام لم يسم قائله"2.

وفي العصر الحديث ارتفعت أصوات تنادي بإباحة الاستشهاد بالأدباء والشعراء المشهورين حتى وقتنا الحاضر، بشرط موت الشاعر، لأن المعاصرة حجاب كما يقولون، وبشرط أن يكون الشاعر ممن شهد لهم بالفصاحة والبيان. ونسي هؤلاء أن الشاعر أو الأديب لا يعد من زعماء البيان إلا إذا صحت لغته واستقام لسانه، ولن يتم له ذلك إلا إذا جرى على النمط العربي السليم.

ومتى فعل ذلك فقد صار عربيًّا بلغته، وتماثلت اللغتان بل تطابقتا وبهذا فهو لم يخلق شيئًا لم يعرفه العرب ولم يأت بجديد. بالإضافة إلى أن مؤهلات الزعامة لا ضابط لها، وقد تفتح بابًا لدخول كل طامع. ولكننا نجد من أصحاب هذا الرأي من يقولون لقد ورد في شعر بعض المعاصرين ما لم يرد في شعر القدماء مثل شوقي الذي يقول:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015