فجاء في شواهدهم أبيات لم تسلم من الظنة. ومن ذلك استشهاد سيبويه بقول الشاعر:

حذرًا أمورًا لا تُخاف وآمن ... ما ليس منجيه من الأقدار

فهذا البيت مصنوع ومع ذلك رواه سيبويه في "الكتاب": "ذكر أبو يحيى اللاحقي أن سيبويه سأله: هل تعدي العرب فعلًا؟ قال فوضعت له هذا البيت". وممن قال بوضعه كذلك الصفدي في "نفوذ السهم"1.ومن ذلك استشهاد الفارابي اللغوي بقول امريء القيس:

وعمرو بن درماء الهمام إذا غدا ... بذي شطب عضب كمشية قسورا

على أنه أراد قسورة فحذف التاء2.

وقد أنكر أبو العلاء المعري هذا البيت ورأى أنه مصنوع وعبر عن ذلك بطريقته الخاصة التي عرف بها في رسالة الغفران فأجرى حوارًا بين صاحبه ابن القارح وامرئ القيس جاء فيه: "وإنا لنروي لك بيتًا ما هو في كل الروايات، وأظنه مصنوعًا لأن فيه ما لم تجر عادتك بمثله وهو قولك ... قسورًا، فيقول "امرؤ القيس": أبعد الله الآخر، لقد اخترص فما اترص وان نسبة هذا إليّ لأعده إحدى الوصمات"3.

وأما الطبقة الرابعة فالصحيح أنه لا يستشهد بكلامها مطلقًا، ومنهم من أباح الاستشهاد بكلام من يوثق به منهم، ومن هؤلاء الزمخشري اللغوي والنحوي المشهور الذي كان يرى الاحتجاج بشعر أبي تمام4.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015