وهو يرى أن من الأبيات الشعرية ما يختل وزنها إن غيرت، فهذه هي محل الضرورة، ومنها ما لا يكون تغييرها مخلًّا بالنظم، فهي كالنثر لا يصح أن يقال عنها: إنها ضرورة ولهذا فهو يقول في رسالة الملائكة: "ينشد قول أبي ذؤيب الهذلي:

تركوا هوى وأعنقوا لهواهم ... فتخرموا ولكل جنب مصرع

ولو أنشد هواي لم يكن بالوزن بأس. والاستشهاد بالشعر على نوعين: أحدهما لا مزية فيه للمنظوم على المنثور، والآخر يكون حكم الموزون فيه غير حكم النثر. فالضرب الأول كبيت أبي ذؤيب الذي مر، وكقول الآخر.

أنا ابن النارك البكري بشر ... عليه الطير ترقبه وقوعا

فخفض "بشر" ونصبه لا فضيلة فيه للوزن، وكذلك خفض "البكري" ونصبه، لأنه قويم في الحالين. والضرب الآخر هو الذي يكون الوزن إن غير عما استشهد به عليه لحقه إخلال كقوله:

ألا من مبلغ الحرين عني ... مغلغلة وخص بها أبيا

يطوّف بي عكب في معد ... ويطعن بالصملة في قفيا

فهذا لا يمكن إلا على لغة من قال قفي"1.

ويقول في موضوع آخر: "وأنشد الفراء قول زهير":

عليهن فرسان كرام لباسهم ... سوابيغ زغف لا تخرقها نبل

فهذه زيادة بغير ضرورة، لأنه لو حذف لم يضر بالبيت"2.

ويقول في بيت الهذلي:

أبيت على معاري فاخرات ... بهن ملوب كدم العباط

الذي يدعي النحاة أنه ضرورة، يقول أبو العلاء: "ولو قال معار

طور بواسطة نورين ميديا © 2015