ونحن وإن كنا نسلم بتأثير المنطق والفلسفة "بوجه عام ولا نقصرهما على اليونانيين، فقد كان للهنود كذلك منطق وفلسفة وكان لغير الهنود منطق وفلسفة" على النحو العربي، فإننا نتردد كثيرًا في قبول الرأي القائل بوقوع النحو العربي تحت سيطرة الفلسفة اليونانية. ومجرد التشابه في تقسيم أو أكثر، أو في بعض المصطلحات لا ينهض دليلًا لإثبات مثل هذه الدعوى العريضة. وقد سبق أن رأينا مثلًا أن أقسام اللام موجودة كذلك عند الهنود، ولا شك أنها موجودة أيضًا عند شعوب أخرى. والأمر قد لا يخرج عن مجرد التشابه بطريق المصادفة، أو عن التأثر الجزئي ابتداء من أواخر القرن الثالث حيث ظهرت الترجمات الأولى للأعمال الفلسفية اليونانية، ولا يصح أن نغفل في هذا المقام التأثير المعتزلي على المناهج النحوية العربية وبخاصة على نظرية العامل1.
وتبقى قضية التأثير اليوناني عن طريق السريان، وهي ما سنبحثها في الفقرة التالية:
السريان:
يثبت الكثيرون وجود تأثير سرياني على النحو العربي، سواء بطريق غير مباشر عن طريق الترجمات اليونانية التي تمت باللغة السريانية، أو عن طريق الكتب النحوية التي وضعها السريان للغتهم.