ولم يتحدث أحد من الباحثين قبل Vestteegh بصورة علمية عن التأثير اليوناني في مرحلة النشأة. ويتلخص رأيه في وجود تأثير يوناني مباشر على العرب في الفترة المبكرة يتمثل في النحو اليوناني السائد والفكر الرواقي نتيجة الاتصال المباشر بالثقافة الهيلينية. كما قال بوجود ارتباط بين أصول النحو العربي وأصول الطيب اليوناني العلاجي1.
وأغلب الباحثين يذهبون إلى القول بتأثير يوناني في فترة متأخرة من فترات النحو العربي سواء كان التأثير مباشرًا أو غير مباشر، وسواء كان التأثير عن طريق النحو اليوناني أو المنطق اليوناني.
ويعد من أشد المتحمسين لإثبات التأثير اليوناني بشقيه النحوي والفلسفي الدكتور إبراهيم بيومي مدكور الذي نشر بحثًا بمجلة الأزهر بعنوان "منطق أرسطو والنحو العربي"2، ذهب فيه إلى تأثر النحو "بالمنطق الأرسطى من جانبين أحدهما موضوعي والآخر منهجي" ويمثل للموضوعي بتقسيم أرسطو الكلمة في مقدمة كتاب "العبارة" إلى اسم وفعل، واشارته في كتاب آخر له إلى قسم ثالث هو الأداة. وإذا انتقلنا إلى كتاب سيبويه نجده يبدأ بتقسيم الكلمة إلى اسم وفعل وحرف، ويعرفها تعريفًا يحاكي من بعض النواحي التعريف الأوسطي.
أما التأثير المنهجي فقد رآه في اهتمام العرب بالقياس النحوي، ومحاولة فلسفته والبحث عن أركانه وتحديد شرائطه. كما رآه في مبدأ العلة الذي كان له شأن في النحو العربي، وفي المنطق الأرسطي، وفي نظرية العامل النحوية التي هي وليدة مبدأ العلية الفلسفي.