الكتب والمصادر والمراجع، سواء كانت تاريخية أو حديثية أو فقهية أو أدبية أو تفسيرية، فنحن في أشد الحاجة لجمعها وترتيبها وتوثيقها وتحليلها؛ فتاريخ الخلافة إذا أحسن عرضه يغذي الأرواح ويهذب النفوس وينور العقول، ويشحذ الهمم، ويقدم الدروس، ويسهل العِبَر وينضج الأفكار، فنستفيد من ذلك في إعداد الجيل المسلم وتربيته على منهاج النبوة، ونتعرف على حياة وعصر من قال الله فيهم: {وَالسَّابِقُونَ الأوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة: 100].
وقال تعالى: {مُحَمَّدٌ رَّسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا} [الفتح: 29].
وقال فيهم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «خير أمتي القرن الذي بعثت فيهم ... ». (?)
وقال فيهم عبد الله بن مسعود: «من كان مستنًا فليستن بمن قد مات؛ فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة، أولئك أصحاب محمد كانوا والله أفضل هذه الأمة وأبرَّها قلوبا وأعمقها علمًا وأقلها تكلفًا. قوم اختارهم الله لصحبة نبيه وإقامة دينه، فاعرفوا لهم فضلهم واتبعوهم في آثارهم، وتمسكوا بما استطعتم من أخلاقهم ودينهم، فإنهم كانوا على الهدي المستقيم». (?)
فالصحابة قاموا بتطبيق أحكام الإسلام ونشره في مشارق الأرض ومغاربها، فعصرهم خير العصور، فهم الذين علموا الأمة القرآن الكريم، ورووا لها السنن والآثار عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فتاريخهم هو الكنز الذي حفظ مدخرات الأمة في الفكر والثقافة والعلم والجهاد وحركة الفتوحات والتعامل مع الشعوب والأمم، فتجد الأجيال في هذا التاريخ المجيد ما يعينها على مواصلة رحلتها في الحياة على منهج صحيح وهدي رشيد، وتعرف من خلاله حقيقة رسالتها ودورها في دنيا الناس.
وقد عرف الأعداء من اليهود والنصارى والعلمانيين والماركسيين والروافض وغيرهم خطورة التاريخ وأثره في صياغة النفوس وتفجير الطاقات، فعملوا على تشويهه وتزويره وتحريفه وتشكيك الأجيال فيه؛ فقد لعبت فيه الأيدي الخبيثة في الماضي وحرفته أيدي المستشرقين في الحاضر؛ ففي الماضي تعرض تاريخنا الإسلامي للتحريف والتشويه على