1200 صفحة، فرأى الدكتور المشرف أن نكتفي بفقه التمكين في القرآن الكريم، وعدَّل الخطة على هذا الأساس، وقدم مقترحه لمجلس الكلية فوافق على ذلك، وقال لي بعد المناقشة: بإذن الله تعالى تستطيع أن تخرج فقه التمكين في السيرة النبوية، وفقه التمكين عند الخلفاء الراشدين كتبًا، لعل الله ينفع بها المسلمين. وبتوفيق الله، وبسبب ما ساقه من أسباب, تطور كتاب فقه التمكين في السيرة النبوية، وأصبح «السيرة النبوية .. عرض وقائع وتحليل أحداث».
وهذا الكتاب الذي أقدم له الآن «أبو بكر الصديق شخصيته وعصره» يرجع الفضل في كتابته للمولى عز وجل، ثم للأستاذ الدكتور المشرف على رسالة الدكتوراه، ومجموعة خيرة من الدعاة والشيوخ والعلماء الذين شجعوني على الاهتمام بدراسة الخلفاء الراشدين، حتى إن أحدهم قال لي: أصبحت هناك فجوة كبيرة بين أبناء المسلمين وذلك العصر، وحدث خلط في ترتيب الأولويات؛ حيث صار الشباب يلمُّون بسير الدعاة والعلماء والمصلحين أكثر من إلمامهم بسيرة الخلفاء الراشدين، وأن ذلك العصر غني بالجوانب السياسية والإعلامية والأخلاقية والاقتصادية والفكرية والجهادية والفقهية التي نحن في أشد الحاجة إليها، ونحتاج أن نتتبع مؤسسات الدولة الإسلامية، وكيف تطورت مع مسيرة الزمن؛ كالمؤسسة القضائية والمالية ونظام الخلافة والمؤسسة العسكرية وتعيين الولاة، وما حدث من اجتهادات في ذلك العصر عندما احتكت الأمة الإسلامية بالحضارة الفارسية والرومانية، وطبيعة حركة الفتوحات الإسلامية.
كانت بداية هذا الكتاب فكرة أراد الله لها أن تصبح حقيقة، فأخذ الله بيدي وسهل لي الأمور وذلل الصعاب، وأعانني على الوصول للمراجع والمصادر، وأصبح هذا العمل هَمًّا سيطر على مشاعري وتفكيري وأحاسيسي، فجعلته من أهدافي الكبرى، فسهرت له الليالي ولم أُبالِ بالعوائق ولا الصعاب، والفضل لله تعالى الذي أعانني على ذلك، قال الشاعر:
الهول في دربي وفي هدفي ... وأظَل أمضي غير مضطرب
ما كنت من نفسي على خَوَرٍ ... أو كنت من ربي على رِيَبِ
ما في المنايا ما أحاذره ... الله ملءُ القصد والأرَبِ
إن تاريخ عصر الخلفاء الراشدين مليء بالدروس والعبر، وهي متناثرة في بطون