إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا. من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران: 102].
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1].
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا - يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 70، 71].
أما بعد:
يا رب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، لك الحمد حتى ترضى، ولك الحمد إذا رضيت، ولك الحمد بعد الرضا.
كان شغفي بسيرة الصديق - رضي الله عنه - منذ الطفولة، وكنت شديد الولع بالقراءة والسماع لسيرته العطرة، ومضت الأيام ومرت السنون، وأكرمني الله تعالى بالدراسة في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وكان من ضمن المواد المقررة في مادة التاريخ الإسلامي تاريخ الخلفاء الراشدين، وقد طلب الأستاذ المحاضر أن ندرس كتاب «البداية والنهاية» لابن كثير، و «الكامل» لابن الأثير في ترجمة الصديق، ولم يكتفِ بكتاب التاريخ الإسلامي للشيخ محمود شاكر، فكانت لتلك الإرشادات أثر -بعد توفيق الله تعالى- للتعرف على حقيقة شخصية الصديق وعصره. وعندما سجلت بجامعة أم درمان الإسلامية رسالة الدكتوراه وكان عنوانها: (فقه التمكين في القرآن الكريم وأثره في تاريخ الأمة)، استقر البحث على ثلاثة أبواب: فقه التمكين في القرآن الكريم، فقه التمكين في السيرة النبوية، فقه التمكين عند الخلفاء الراشدين، وكانت أوراق البحث قد جاوزت