يعزل أحدا منهم إلا ليعينه في مكان آخر أكثر أهمية من موقعه الأول ويرضاه، كما حدث لعمرو بن العاص، وكانت مسئوليات الولاة في عهد أبي بكر الصديق بالدرجة الأولى
امتدادا لصلاحيتهم في عصر الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، خصوصا الولاة الذين سبق تعيينهم أيام الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
27 - وردت أخبار كثيرة في شأن تأخر علي عن مبايعة الصديق رضي الله عنهما، وكذلك تأخير الزبير بن العوام، وجل هذه الأخبار ليس بصحيح إلا ما رواه ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: إن عليًّا والزبير ومن كان معهما تخلفوا في بيت فاطمة بنت رسول الله، فقد كان انشغال جماعة من المهاجرين وعلى رأسهم علي بن أبي طالب بأمر جهاز رسول الله، من تغسيل وتكفين، وقد بايع الزبير بن العوام وعلي بن أبي طالب -رضي الله عنهما- أبا بكر في اليوم التالي لوفاة الرسول، وهو يوم الثلاثاء.
28 - عندما سئل الصديق عن ميراث رسول الله، قال للسيدة فاطمة والعباس عم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: سمعت رسول الله يقول: «لا نورث، ما تركناه صدقة، إنما يأكل آل محمد من هذا المال». وفي رواية قال أبو بكر - رضي الله عنه -: « ... لست تاركًا شيئًا كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يعمل به إلا عملت به، فإني أخشى إن تركت شيئًا من أمره أن أزيغ». ومن الثابت تاريخيا أن أبا بكر دام أيام خلافته يعطي أهل البيت حقهم في فيء رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في المدينة، ومن أموال فدك وخمس خيبر، إلا أنه لم ينفذ فيهما أحكام الميراث عملا بما سمعه من
رسول الله.
29 - بيَّن الصديق - رضي الله عنه - في خطبته طبيعة خليفة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وأنه ليس خليفة عن الله بل عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وأنه بشر غير معصوم لا يطيق ما كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يطيقه بنبوته ورسالته، فهو في سياسته متبع وليس بمبتدع.
30 - من الدروس والعِبَر في بعث جيش أسامة - رضي الله عنه -: أن الأحوال تتغير وتتبدل، والشدائد لا تشغل أهل الإيمان عن أمر الدين، والمسيرة الدعوية لا ترتبط بأحد، ووجوب اتباع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وحدوث الخلاف بين المؤمنين ورده إلى الكتاب والسنة، وجعل الدعوة مقرونة بالعمل، ومكانة الشباب في خدمة الإسلام، وروعة الآداب الإسلامية في الجهاد وتحقيق جيش أسامة لأهدافه، فقد ضعفت جبهة الردة في الشمال وأصبحت من أضعف الجبهات.