النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - متحققة فيه.
22 - بعد البيعة العامة للصديق ألقى خطبة على الأمة تعتبر من عيون الخطب الإسلامية على إيجازها، فقد بيَّن فيها منهجه لقيادة الدولة وقرر فيها قواعد العدل والرحمة في التعامل بين الحاكم والمحكوم، وركز على أن طاعة ولي الأمر مترتبة على طاعة الله ورسوله، ونص على الجهاد في سبيل الله لأهميته في إعزاز الأمة، وعلى اجتناب الفاحشة لأهمية ذلك في حماية المجتمع من الانهيار والفساد.
23 - أراد الصديق - رضي الله عنه - أن ينفذ السياسة التي رسمها لدولته واتخذ من الصحابة الكرام أعوانًا يساعدونه على ذلك، فجعل أبا عبيدة بن الجراح أمين هذه الأمة «وزير المالية»، فأسند إليه شئون بيت المال، وتولى عمر بن الخطاب القضاء «وزير العدل»، وباشر الصديق القضاء بنفسه أيضًا، وتولى زيد بن ثابت الكتابة «وزير البريد والمواصلات»، وأحيانًا يكتب له من يكون حاضرًا من الصحابة كعلي بن أبي طالب أو عثمان بن عفان رضي الله عنهم. وأطلق المسلمون على الصديق لقب خليفة رسول الله، ورأى الصحابة ضرورة تفريغ الصديق لمنصب الخلافة وتكفلت الأمة بنفقاته الخاصة.
24 - عاش الصديق بين المسلمين كخليفة لرسول الله، فكان لا يترك فرصة تمر إلا علَّم الناس وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر، فكانت مواقفه تشع على مَنْ حوله مِنَ الرعية بالهدى والإيمان والأخلاق.
25 - يعتبر عهد الصديق بداية العهد الراشدي الذي تتجلى أهميته بصلته بالعهد النبوي وقربه منه، فكان العهد الراشدي عامة والجانب القضائي خاصة امتدادًا للقضاء في العهد النبوي، مع المحافظة الكاملة والتامة على جميع ما ثبت في العهد النبوي بحذافيره وتنفيذه بنصه ومعناه.
26 - كان أبو بكر يستعمل الولاة في البلدان المختلفة ويعهد إليهم بالولاية العامة في الإدارة والحكم والإمامة وجباية الصدقات وسائر أنواع الولايات، وكان ينظر إلى حسن اختيار الرسول للأمراء والولاة على البلدان فيقتدي به في هذا العمل، ولهذا نجده قد أقر جميع عمال الرسول الذين توفي الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهم على ولايته، ولم