وتقيم معه ما أقام بالعراق، وتشخص معه إذا شخص. (?) وكتب إلى المثنى بن حارثة: ... فإن صاحبك العجلي كتب إليَّ يسألني أمورًا فكتبت إليه آمره بلزوم خالد حتى أرى رأيي، وهذا كتابي إليك آمرك أن لا تبرح العراق حتى يخرج منه خالد بن الوليد، فإذا خرج منه خالد بن الوليد فالزم مكانك الذي كنت به، وأنت أهل لكل زيادة وجدير بكل فضل. (?) وممن سبق يمكننا أن نستخلص بعض الدروس والعبر والفوائد، فمنها:
1 - كان تاريخ بعث خالد إلى العراق في شهر رجب وقيل في المحرم سنة اثنتي عشرة (?).
إن الأوامر التي وجهها الصديق إلى قائديه خالد وعياض تشير إلى الحس الاستراتيجي المتقدم الذي كان يملكه الصديق - رضي الله عنه -، فقد أعطى جملة تعليمات عسكرية استراتيجية وتكتيكية، فحدد لكل من القائدين المسلمين جغرافيًّا منطقة للدخول على العراق، كأنما هو يمارس القيادة من غرفة العمليات بالحجاز، وقد بسطت أمامه خارطة العراق بكل تضاريسها ومسالكها فيأمر أحدهما «خالدًا» بدخول العراق من أسفلها جنوبًا بغرب «أي الأبلة» ويأمر الثاني «عياضًا» بدخول العراق من أعلاها شمالاً بشرق «أي المصيخ» ويأمر الاثنين معًا أن يلتقيا في وسط العراق، ولا ينسى الخليفة مع ذلك أن يأمرهما بأن لا يكرها الناس على الانخراط في جيشهما وأن لا يجبرا أحدًا على البقاء معهما للقتال، فلم يكن التجنيد في نظره إلزاميًا وإنما كان طوعيًا واختياريًا (?).
كان هدف الخليفة الصديق السيطرة على الحيرة وذلك لأهميتها العسكرية، فالحيرة تقع على بعد ثلاثة أميال جنوب «الكوفة» وتبعد عن «النجف» مسيرة ساعة للفارس إلى الجنوب الشرقي للنجف، والناظر على الخارطة يرى لأول وهلة أهمية هذا الموقع الاستراتيجي؛ فالحيرة كانت «عقد مواصلات» في نقطة تتصل بها الطرق من جميع