وكتب الصديق - رضي الله عنه - إلى خالد وعياض: ... ثم يستبقان إلى الحيرة، فأيهما سبق إلى الحيرة أمير على صاحبه. وقال: إذا اجتمعتما إلى الحيرة وقد فضضتما مسالح فارس وأمنتما أن يؤتى المسلمون من خلفهم، فليكن أحدكما ردءًا للمسلمين ولصاحبه بالحيرة، وليقتحم الآخر على عدو الله وعدوكم من أهل فارس دارهم ومستقر عزهم، المدائن (?).
3 - وكان المثنى بن حارثة قد قدم على أبي بكر وحث الصديق على محاربة الفرس وقال له: ابعثني على قومي ففعل ذلك أبو بكر، فرجع المثنى وشرع في الجهاد بالعراق ثم إنه بعث أخاه مسعود بن حارثة إلى أبي بكر يستمده، فكتب معه أبو بكر إلى المثنى: أما بعد، فإني قد بعثت إليك خالد بن الوليد إلى أرض العراق فاستقبله بمن معك من قومك، ثم ساعده ووازره وكانفه ولا تعصين له أمرًا ولا تخالفن له رأيًا فإنه من الذين وصف الله -تبارك وتعالى- في كتابه: {مُحَمَّدٌ رَّسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا} [الفتح: 29]، فما أقام معك فهو الأمير، فإن شخص عنك فأنت على ما كنت عليه (?)، وكان من قوم المثنى رجل يدعى مذعور بن عدي، خرج عن المثنى بن حارثة وراسل الصديق وقال له: أما بعد، فإني امرؤ من بني عجل أحلاس الخيل -أي يلزمون ظهورها- وفرسان الصباح -أي يغيرون صباحًا- ومعي رجال من عشيرتي الرجل خير من مئة رجل، ولي علم بالبلد وجراء على الحرب وبصر بالأرض، فولني أمر السواد أكفكه إن شاء الله. (?)
وكتب المثنى بن حارثة - رضي الله عنه - بشأن مذعور بن عدي إلى الصديق فقال له: ... فإني أخبر خليفة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن امرءا من قومي يقال له مذعور بن عدي أحد بني عجل في عدد يسير، وإنه أقبل ينازعني ويخالفني، فأحببت إعلامك ذلك لترى رأيك فيما هنالك. (?) ورد الصديق على مذعور بن عدي فقال له: أما بعد: فقد أتاني كتابك وفهمت ما ذكرت وأنت كما وصفت نفسك وعشيرتك، وقد رأيت لك أن تنضم إلى خالد بن الوليد فتكون معه