عبارة أبي بكر الصديق للمسلمين جميعًا: من كان يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت (?).
إن من نتائج أحداث الردة حفظ التصور الإسلامي من التحريف والتشويه، وأنْ تجردت الراية الإسلامية من العصبية الجاهلية والولاء المختلط، وصارت خالصة من أية شائبة، وأن التصور الإسلامي لا يقبل المداهنة مهما كانت الظروف المحيطة، وأن القوة الإسلامية لا ترتبط بالعدد ولا العدة ولكن بقوة الإيمان والروح المعنوية، وأن الأصل دعوة الناس إلى الإسلام وليس مقاتلتهم، فالدعوة أولاً، وأن الحرص على الناس هو المقدم على كل شيء (?).
أظهرت أحداث الردة معادن أصيلة في بنية قاعدة هذه الدولة، وكشفت عن عناصر صلبة، فلم يكونوا أفرادا متناثرين ولكنهم كانوا يشكلون القاعدة لهذا المجتمع ولهذه الدولة، ولم تكن قاعدة رخوة أو هشة أو ساذجة، وإنما كانت قاعدة صلبة واعية، تدرك حقيقة نفسها وحقيقة عدوها وتعي أبعاد المخاطر من حولها، وتخطط بانتباه ويقظة كاملة في مواجهة كل الصعاب، وهي مع هذا وذاك موصولة بالقوي العزيز، ولهذا انتصرت على كل خصومها وأزالت كل العوائق من طريقها؛ فقد حافظت هذه القاعدة على الإسلام ودولته، وساهمت في جمع الحشود لكسر شوكة أهل الردة، وعملت على لَمِّ شمل الناس من حولها، وتم بفضل الله ثم جهود هذه القاعدة الصلبة حفظ كيان الأمة وبقائها وتنميتها. (?)
بمجرد وفاة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تناثرت التجمعات، وتمردت كثير من القبائل على الخليفة، وقام الصديق - رضي الله عنه - مع الصحابة بعمل شاق عظيم استطاعوا أن يُخضعوا القبائل للدولة، وأشرف الصديق على تنفيذ الخطط التربوية والتعليمية والحربية والإدارية، ونجح نجاحًا باهرًا، والتحمت القبائل العربية مع الدولة الإسلامية وأصبحت جزيرة العرب