وهي تعلم من أجل ماذا تضحي وتبذل، ولذا كان الأداء فائقا والتفاني عظيمًا (?).
لقد توحدت شبه الجزيرة العربية بفضل الله ثم جهاد الصحابة مع الصديق تحت راية الإسلام لأول مرة في تاريخها بزوال الرؤوس أو انتظامها ضمن المد الإسلامي، وبسطت عاصمة الإسلام (المدينة) هيمنتها على ربوع الجزيرة، وأصبحت الأمة تسير بمبدأ واحد وبفكرة واحدة، فكان الانتصار انتصارًا للدعوة الإسلامية ولوحدة الأمة بتضامنها وتغلبها على عوامل التفكك والعصبية، كما كنت برهانا على أن الدولة الإسلامية بقيادة الصديق قادرة على التغلب على أعنف الأزمات (?).
وهكذا كان الصحابة يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة أحد واعتراضه ونقده؛ لصلابتهم في دينهم ولأنهم يعملون لإحقاق الحق وإبطال الباطل (?).
د- {ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ":
الإشارة إلى ما ذكر من حب الله إياهم وحبهم لله وذلتهم للمؤمنين وعزتهم على الكافرين، وجهادهم في سبيل الله وعدم مبالاتهم للوم اللوام، فالمذكور كله فضل الله الذي فضل به أولياءه، يؤتيه من يشاء؛ أي: ممن يريد به مزيد إكرام من سعة جوده، والله واسع كثير الفواضل جل جلاله (?)، عليم بمن هو أهلها، فهو تعالى واسع الفضل، عليم بمن يستحق ذلك ممن يحرم منه (?).
حين ندرس المجتمع المسلم في صدر الخلافة الراشدة تتضح لنا مجموعة من السمات منها:
1 - أنه -في عمومه- مجتمع مسلم بكامل معنى الإسلام، عميق الإيمان بالله واليوم الآخر، مطبق لتعاليم الإسلام بجدية واضحة والتزام ظاهر، وبأقل قدر من المعاصي وقع في أي مجتمع في التاريخ، فالدين بالنسبة له هو الحياة وليس شيئًا هامشيًا يفئ