ب- قوله تعالى: {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ":

فهذه صفات المؤمنين الكمل؛ أن يكون أحدهم متواضعًا لأخيه ووليه متعززًا على خصمه وعدوه. (?) ولذلك قام الصديق وجنوده الكرام بمناصرة المسلمين وخرج بنفسه يقاتل المرتدين، وسير أحد عشر لواء لرفع الظلم عن المؤمنين وكسر شوكة المرتدين، ولم يقبل من المرتدين الذين عذبوا المستضعفين من مواطنيهم المسلمين إلا أن يأخذ بحقهم منهم فيفعل بهم كما فعلوا بهم، وكذلك فعل قادة جيوشه، وكان - رضي الله عنه - حريصا على مراعاة أحوال الرعية في المجتمع، فقد مر بنا كيف كان يعامل الجواري والعجائز وكبار السن - رضي الله عنه -، لقد سادت هذه الصفات في عصر الصديق وتجسدت في حياة الناس.

ج- {يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ":

وقد ظهرت صفة المجاهدة لأعداء الله في عصر الصديق في حربهم للمرتدين وكسرهم لشوكتهم، ومن بعد في الفتوحات الإسلامية التي سيأتي تفصيلها بإذن الله تعالى، ولقد جاهد الصحابة أعداءهم من أجل أن تكون كلمة الله هي العليا, وتحقيق عبادة الله وحده، وإقامة حكم الله ونظام الإسلام في الأرض، ودفع عدوان المرتدين، ومنع الظلم بين الناس، وبالجهاد في سبيل الله تحقق إعزاز المسلمين وإذلال المرتدين، ورجع الناس إلى دين الله، واستطاعت القيادة الإسلامية بزعامة الصديق - رضي الله عنه - أن تجعل من الجزيرة العربية قاعدة للانطلاق لفتح العالم أجمع، وأصبحت الجزيرة هي النبع الصافي الذي يتدفق منه الإسلام ليصل إلى أصقاع الأرض، بواسطة رجال عركتهم الحياة وأصبحوا من أهل الخبرات

المتعددة في مجالات التربية والتعليم والجهاد وإقامة شرع الله الشامل لإسعاد بني الإنسان حيثما كان (?).

لقد كان الجهاد الذي خاضه الصحابة في حروب الردة إعداد ربانيًا للفتوحات الإسلامية، حيث تميزت الرايات وظهرت القدرات، وتفجرت الطاقات، واكتشفت قيادات ميدانية، وتفنن القادة في الأساليب والخطط الحربية، وبرزت مؤهلات الجندية الصادقة المطيعة المنضبطة الواعية التي تقاتل وهي تعلم على ماذا تقاتل، وتقدم كل شيء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015