بأمر الرسول الكريم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وبذلوا المستطاع لتحقيقه، فنصرهم الله تعالى ورزقهم الغنائم وألقى في قلوب الناس هيبتهم، وكف عنهم كيد الأعداء وشرهم (?).
وقد تحدث (توماس آرنولد) عن بعث جيش أسامة فقال: بعد وفاة محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أرسل أبو بكر - رضي الله عنه - الجيش الذي كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قد عزم على إرساله إلى مشارف الشام، على الرغم من معارضة بعض المسلمين، بسبب الحالة المضطربة في بلاد العرب إذ ذاك، فأسكت احتجاجهم بقوله: قضاء قضى به رسول الله، ولو ظننت أن السباع تخطفني لأنفذت جيش أسامة - رضي الله عنه - كما أمر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (?) ... ثم قال: وكانت هذه هي أولى تلك السلسلة الرائعة من الحملات التي اجتاح العرب فيها سوريا وفارس وإفريقيا الشمالية، فقوضوا دولة فارس القديمة، وجردوا الإمبراطورية الرومانية من أجمل ولاياتها (?).
وهكذا نرى الله تعالى قد ربط نصر الأمة وعزها باتباع النبي الكريم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فمن أطاعه
فله النصر والتمكين ومن عصاه فله الذل والهوان، فسر حياة الأمة في طاعتها لربها
واقتدائها بسنة نبيها - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (?).
ومما نستفيد من هذه القصة أنه قد يحدث الخلاف بين المؤمنين الصادقين حول بعض الأمور؛ فقد اختلفت الآراء حول إنفاذ جيش أسامة - رضي الله عنه - في تلك الظروف الصعبة، وقد تعددت الأقوال حول إمارته، ولم يجرهم الخلاف في الرأي إلى التباغض والتشاجر والتدابر والتقاطع والتقاتل، ولم يصر أحد على رأي بعد وضوح فساده وبطلانه (?)، وعندما رد الصديق الخلاف إلى ما ثبت من أمر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ببعث أسامة وبيَّن - رضي الله عنه - أنه ما كان ليفرط فيما أمر به رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مهما تغيرت الأحوال وتبدلت، استجاب بقية الصحابة لحكم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعدما وضحه لهم الصديق، كما أنه لا عبرة لرأي الأغلبية إذا كان مخالفًا للنص؛ فقد رأى عامة الصحابة حبس جيش أسامة