الكريم صلوات ربي وسلامه عليه مع معاذ ابن جبل - رضي الله عنه - لما بعثه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى اليمن (?)، فقد روى الإمام أحمد عن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - قال: لما بعثه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى اليمن خرج معه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوصيه ومعاذ - رضي الله عنه - راكب، ورسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يمشي تحت راحلته (?).
قال الشيخ أحمد البنا تعليقا على هذا الحديث: وقد فعل ذلك أبو بكر - رضي الله عنه - بأسامة بن زيد -رضي الله عنهما- مع صغر سنه، فقد عقد له النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قبل وفاته لواء على جيش ولم يسافر إلا بعد وفاة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فشيعه أبو بكر - رضي الله عنه - ماشيًا وأسامة - رضي الله عنه - راكبًا، اقتداء بما فعله
النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بمعاذ - رضي الله عنه - (?).
هـ- وظهرت عناية أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - بالاقتداء بالرسول الكريم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أيضا في قيامه بتوصية الجيش عند توديعهم؛ حيث كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوصي الجيوش عند توديعهم، ولم يقتصر الصديق على هذا؛ بل إن معظم ما جاء في وصيته لجيش أسامة كان مقتبسًا من وصايا النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للجيوش (?).
ولم يقف أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - في الاقتداء بالرسول الكريم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيما قاله وفعله فحسب، بل أمر أمير الجيوش أسامة - رضي الله عنه - بتنفيذ أمره - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ونهاه عن التقصير فيه (?)، فقد قال له -رضي الله عنهما-: اصنع ما أمرك به نبي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ابدأ ببلاد قضاعة ثم إيت آبل، ولا تقصرن شيئًا من أمر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (?)، وفي رواية أخرى أنه قال: امض يا أسامة للوجه الذي أُمرت به، ثم اغز حيث أمرك رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من ناحية فلسطين وعلى أهل مؤتة، فإن الله سيكفي ما تركت. (?) وفي رواية عند ابن الأثير: وأوصى أسامة - رضي الله عنه - أن يفعل ما أمر به رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (?).
لقد انقاد الصحابة -رضي الله عنهم- لرأي الصديق وشرح الله صدورهم لذلك، وتمسكوا