ومن الدروس المستفادة من قصة إنفاذ الصديق جيش أسامة -رضي الله عنهما-: أنه يجب على المسلمين اتباع أمر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في السراء والضراء، فقد بين الصديق من فعله أنه عاضُّ على أوامر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالنواجذ ومنفذها مهما كثرت المخاوف واشتدت المخاطر، وقد تجلى هذا أثناء هذه القصة عدة مرات، منها:
أ- لما طلب المسلمون إيقاف جيش أسامة - رضي الله عنه - نظرًا لتغير الأحوال وتدهورها أجاب - رضي الله عنه - بمقولته الخالدة: والذي نفس أبي بكر بيده لو ظننت أن السباع تخطفتني لأنفذت بعث أسامة كما أمر به رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولو لم يبق في القرى غيري لأنفذته (?).
ب- ولما استأذنه أسامة -رضي الله عنهما- في الرجوع بجيشه من الجرف إلى المدينة خوفًا على الصديق وأهل المدينة لم يأذن له، بل أبدى عزمه وتصميمه على تنفيذ قضاء النبي الكريم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بقوله: لو خطفتني الكلاب والذئاب لم أرد قضاء قضى به رسول الله (?)،
وقدَّم - رضي الله عنه - بموقفه هذا صورة تطبيقية لقول الله -عز وجل-: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً مُّبِينًا} [الأحزاب: 36].
ج- وعندما طُلب منه تعيين رجل أقدم سنًّا من أسامة - رضي الله عنه - أبدى غضبه الشديد على الفاروق - رضي الله عنه - بسبب جرأته على نقل مثل هذا الاقتراح (?)، وقال له: ثكلتك أمك وعدمتك يا ابن الخطاب! استعمله رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وتأمرني أن أنزعه (?).
د- وتجلى اهتمام أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - باتباع النبي الكريم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وكذلك في خروجه لتشييع الجيش ومشيه مع أسامة - رضي الله عنه - الذي كان راكبًا (?)، ولقد كان الصديق - رضي الله عنه - في عمله هذا مقتديًا بما فعله سيد الأولين والآخرين رسولنا