وفي هذه الخطبة دروس وعبر، منها:

أ- بيان طبيعة خليفة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأنه ليس خليفة عن الله بل عن رسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وأنه بشر غير معصوم لا يطيق مقام رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بنبوته ورسالته، ولذلك فهو في سياسته متبع وليس بمبتدع؛ أي أنه على نهج النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الحكم بالعدل والإحسان (?).

ب- بيان واجب الأمة في مراقبة الحاكم لتعينه في إحسانه وصلاحه, وتقومه وتنصحه في غير ذلك؛ ليظل على الطريق متبعًا غير مبتدع.

ج- بيان أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عدل بين الأمة فلم يظلم أحدًا، ولذلك ليس لأحد عند النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مظلمة صغيرة أو كبيرة، ومعنى هذا أنه سوف يسير على نفس النهج؛ ينشر العدل ويبتعد عن الظلم، ومن ثم على الأمة أن تعينه على ذلك، وإذا رآه أحد غاضبًا فعليه أن يجتنبه حتى لا يؤذي أحدًا فيخالف ما رآه في سياسة الاتباع (?) للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. والشيطان الذي يعتري الصديق يعتري جميع بني آدم، فإنه ما من أحد إلا وقد وكل الله به قرينه من الملائكة وقرينه من الجن (?)، والشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، فقد قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن وقرينه من الملائكة» قالوا: وإياك يا رسول الله؟ قال: «وإياي إلا أن الله أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلا بخير». (?) وقد جاء في الحديث أيضًا: لما مر به بعض الأنصار وهو يتحدث مع صفية ليلاً فقال: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «على رسلكما، إنها صفية بنت حيي» فقالا: سبحان الله يا رسول الله، قال: «إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم وإني خشيت أن يقذف الشيطان في قلوبكما سوءًا» (?)، ومقصود الصديق بذلك: إني لست معصومًا كالرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهذا حق (?).

د- حرص الصديق على وعظ المسلمين وتذكيرهم بالموت وحال الملوك الذين مضوا، وحثهم على العمل الصالح ليستعدوا للقاء الله عز وجل، ويستقيموا في حياتهم على منهج الله تعالى (?)، وهنا نلحظ توظيف الصديق لقوة البيان في خطبه وفي حديثه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015