ويرى ابن كثير وكثير من أهل العلم أن عليًا جدد بيعته بعد ستة أشهر من البيعة الأولى؛ أي بعد وفاة فاطمة رضي الله عنها، وجاءت في هذه البيعة روايات صحيحة (?).

وكان علي في خلافة أبي بكر عيبة نصح له، مرجحًا لما فيه مصلحة للإسلام والمسلمين على أي شيء آخر، ومن الدلائل الساطعة على إخلاصه لأبي بكر ونصحه للإسلام والمسلمين، وحرصه على الاحتفاظ ببقاء الخلافة واجتماع شمل المسلمين ما جاء من موقفه من توجه أبي بكر - رضي الله عنه - بنفسه إلى ذي القصة (?)، وعزمه على محاربة المرتدين، وقيادته للتحركات العسكرية ضدهم بنفسه، وما كان في ذلك من مخاطرة وخطر على الوجود الإسلامي (?)، فعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: لما برز أبو بكر إلى ذي القصة، واستوى على راحلته أخذ علي بن أبي طالب بزمامها، وقال: إلى أين يا خليفة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ أقول لك ما قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم أحد: لمَّ سيفك ولا تفجعنا بنفسك، وارجع إلى المدينة، فوالله لئن فجعنا بك لا يكون للإسلام نظام أبدًا، فرجع (?).

فلو كان علي - رضي الله عنه - أعاذه الله من ذلك- لم ينشرح صدره لأبي بكر وقد بايعه على رغم من نفسه، فقد كانت هذه فرصة ذهبية ينتهزها علي، فيترك أبا بكر وشأنه، لعله يحدث به حدث فيستريح منه ويصفو الجو له، وإذا كان فوق ذلك -حاشاه عنه- من كراهته له وحرصه على التخلص منه، أغرى به أحدًا يغتاله، كما يفعل الرجال السياسيون بمنافسيهم وأعدائهم (?).

5 - (إنا معشر الأنبياء لا نُورث، ما تركنا صدقة): (?)

قالت عائشة -رضي الله عنها-: إن فاطمة والعباس -رضي الله عنهما-: أتيا أبا بكر يلتمسان ميراثهما من رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهما حينئذ يطلبان أرضيهما من فدك وسهمهما من خيبر، فقال لهما أبو بكر: سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «لا نورث، ما تركنا صدقة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015