فقال علي: لا تثريب عليك يا خليفة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقام علي، فبايع أبا بكر (?).

ومما يدل على أهمية حديث أبي سعيد الخدري الصحيح أن الإمام «مسلم بن الحجاج» صاحب «الجامع الصحيح» الذي هو أصح الكتب الحديثية بعد «صحيح البخاري» ذهب إلى شيخه الإمام الحافظ محمد بن إسحاق بن خزيمة صاحب صحيح ابن خزيمة فسأله عن هذا الحديث، فكتب له ابن خزيمة الحديث، وقرأه عليه، فقال مسلم لشيخه ابن خزيمة:

هذا الحديث يساوي بدنة، فقال ابن خزيمة: هذا الحديث لا يساوي بدنة (?) فقط،

إنه يساوي بدرة (?) مال.

وعلق على هذا الحديث ابن كثير -رحمه الله- فقال: هذا إسناد صحيح محفوظ، وفيه فائدة جلية، وهي مبايعة علي بن أبي طالب إما في أول يوم أو في اليوم الثاني من الوفاة، وهذا حق، فإن علي بن أبي طالب لم يفارق الصديق في وقت من الأوقات، ولم ينقطع في صلاة من الصلوات خلفه (?)، وفي رواية حبيب بن أبي ثابت، حيث قال: كان علي بن أبي طالب في بيته، فأتاه رجل، فقال له: قد جلس أبو بكر للبيعة، فخرج علي إلى المسجد في قميص له، ما عليه إزار ولا رداء وهو متعجل، كراهة أن يبطئ عن البيعة، فبايع أبا بكر ثم جلس، وبعث في ردائه، فجاءوه به فلبسه فوق قميصه (?)، وقد سأل عمرو بن حريث سعيد ابن زيد - رضي الله عنه -، فقال له: أَشَهِدْتَ وفاة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قال: نعم، قال له: متى بويع أبو بكر؟ قال سعيد: يوم مات رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، كره المسلمون أن يبقوا بعض يوم، وليسوا في جماعة. قال: هل خالف أحد أبا بكر؟ قال سعيد: لا، لم يخالفه إلا مرتد أو كاد أن يرتد، وقد أنقذ الله الأنصار، فجمعهم عليه وبايعوه. قال: هل قعد أحد من المهاجرين عن بيعته؟ قال سعيد: لا. لقد تتابع المهاجرون على بيعته!! (?).

وأما علي - رضي الله عنه - فلم يفارق الصديق في وقت من الأوقات، ولم ينقطع عنه في جماعة من الجماعات، وكان يشاركه في المشورة، وفي تدبير أمور المسلمين (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015