إنما يأكل آل محمد من هذا المال». (?) وفي رواية: قال أبو بكر - رضي الله عنه -: «لست تاركًا شيئًا كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يعمل به إلا عملت به، فإني أخشى إن تركت شيئًا من أمره أن أزيغ (?).

وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: أن أزواج النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، حين توفي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أردن أن يبعثن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - إلى أبي بكر يسأله ميراثهن، فقالت عائشة: أليس قد قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا نورث، ما تركنا صدقة» (?)، وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا يقتسم ورثتي دينارًا، ما تركت بعد نفقة نسائي ومؤنة عاملي فهو صدقة» (?).

وهذا ما فعله أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - مع فاطمة رضي الله عنها، امتثالاً لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لذلك قال الصديق: لست تاركًا شيئًا كان رسول الله يعمل به إلا عملت به (?)، وقال: والله لا أدع أمرًا رأيت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصنعه فيه إلا صنعته (?).

وقد تركت فاطمة -رضي الله عنها- منازعته بعد احتجاجه بالحديث وبيانه لها، وفيه دليل على قبولها الحق وإذعانها لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قال ابن قتيبة (?): وأما منازعة فاطمة أبا بكر -رضي الله عنهما- في ميراث النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فليس بمنكر؛ لأنها لم تعلم ما قاله رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وظنت أنها ترثه كما يرث الأولاد آباءهم، فلما أخبرها بقوله كفت. (?)

وقال القاضي عياض: وفي ترك فاطمة منازعة أبي بكر بعد احتجاجه عليها بالحديث التسليم للإجماع على قضية، وأنها لما بلغها الحديث وبين لها التأويل تركت رأيها، ثم لم يكن منها ولا من ذريتها بعد ذلك طلب ميراث، ثم ولي عليٌّ الخلافة فلم يعدل بها عما فعله أبو بكر وعمر رضي الله عنهم (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015