هذا الوالي إلى عمله، ومن ذلك أن المهاجر بن أبي أمية عينه الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على كندة، ثم أقره أبو بكر بعد وفاة الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولم يصل المهاجر إلى اليمن مباشرة وتأخر نظرًا لمرضه, فأرسل إلى «زياد بن لبيد» ليقوم عنه بعمله حتى شفائه وقدومه، وقد أقر أبو بكر ذلك (?)، كذلك كان خالد أثناء ولايته للعراق ينيب عنه في الحيرة من يقوم بعمله حتى عودته.
وكان أبو بكر - رضي الله عنه - يشاور الكثير من الصحابة قبل اختيار أحد من الأمراء سواء على الجند أو على البلدان، ونجد في مقدمة مستشاري أبي بكر في هذا الأمر عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وغيرهما (?)، كما كان أبو بكر - رضي الله عنه - يشاور الشخص الذي يريد توليته قبل أن يعينه، وعلى وجه الخصوص إذا أراد أن ينقل الشخص من ولاية إلى أخرى، كما حدث حينما أراد أن ينقل عمرو بن العاص من ولايته التي ولاه عليها الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى ولاية جند فلسطين، فلم يصدر أبو بكر قراره إلا بعد أن استشاره وأخذ منه موافقة على ذلك (?)، كذلك الحال بالنسبة للمهاجر بن أبي أمية الذي خيرة أبو بكر بين اليمن أو حضرموت، فاختار المهاجر اليمن فعينه أبو بكر عليها (?).
ومن الأمور التي سار عليها أبو بكر - رضي الله عنه - أنه كان يعمل بسنة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في تولية بعض الناس على قومهم إذا وجد فيهم صلحاء، كالطائف وبعض القبائل، وكان أبو بكر - رضي الله عنه - عندما يريد أن يعين شخصًا على ولاية يكتب للشخص المعين عهدًا له على المنطقة التي ولاه عليها، كما أنه في كثير من الأحيان قد يحدد له طريقه إلى ولايته وما يمر عليه من أماكن، خصوصًا إذا كان التعيين مختصًا بمنطقة لم تفتح بعد، ولم تدخل ضمن سلطات الدولة، ويتضح ذلك في حروب الردة، وفتوح الشام والعراق، وقام الصديق أحيانًا بضم بعض الولايات إلى بعض، خصوصًا بعد الانتهاء من قتال المرتدين؛ فقد ضم أبو بكر كندة إلى زياد ابن لبيد البياضي، وكان واليًا على حضرموت واستمر بعد ذلك واليًا لحضرموت وكندة (?).
وكانت معاملة أبي بكر للولاة تتسم بالاحترام المتبادل الذي لم تشبه شائبة، وأما عن الاتصالات بين الولاية وبين الخليفة أبي بكر - رضي الله عنه -، فقد كانت تجري بصفة