وَقد تقدم ان الْمَسْجِد كَانَ فِي الزَّمَان السالف فِي وسط الْمَدِينَة والمنازل مُحِيطَة بِهِ من الْجِهَات الْأَرْبَع فَلَمَّا خرب الْبناء الْقَدِيم وَلم يعتن اُحْدُ باعادته وتلاشت احوال الدُّنْيَا صَار الْأَمر على مَا هُوَ عَلَيْهِ فِي عصرنا وَأما الْأَئِمَّة المرتبون فِيهِ فأولهم إِمَام الْمَالِكِيَّة يُصَلِّي فِي الْجَامِع الَّذِي غربي الْمَسْجِد من جِهَة الْقبْلَة وَقد تقدم ذكره ثمَّ يُصَلِّي بعده إِمَام الشَّافِعِيَّة بالجامع الْكَبِير القبلي الْمُتَعَارف عِنْد النَّاس بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى ثمَّ يُصَلِّي بعده إِمَام الْحَنَفِيَّة بقبة الصَّخْرَة الشَّرِيفَة ثمَّ يصي بعده إِمَام الْحَنَابِلَة وَكَانَ قَدِيما يُصَلِّي إِمَام الْحَنَابِلَة بالرواق الغربي خلف مَنَارَة بَاب السلسلة من جِهَة الشمَال وَمضى الزَّمَان على ذَلِك وَتركت الْوَظِيفَة وَاسْتقر فِيهَا غير مستحقها لعدم الْحَنَابِلَة بِبَيْت الْمُقَدّس فَلَمَّا بنيت مدرسة مَوْلَانَا السُّلْطَان الْملك الْأَشْرَف وتكاملت عمارتها ترَتّب إِمَام الْحَنَابِلَة للصَّلَاة فِي الْمجمع الَّذِي هُوَ سفل الْمدرسَة وَكَانَ مَكَان الرواق الْمَذْكُور وَذَلِكَ فِي شهور سنة تسعين وَثَمَانمِائَة مَعَ اسْتِمْرَار تِلْكَ الْوَظَائِف الْقَدِيمَة بيد غير مستحقها وَهَذَا التَّرْتِيب فِي الصَّلَوَات يُوَافق تَرْتِيب مَسْجِد سيدنَا الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَام مَا عدا صَلَاة الْحَنَابِلَة فان مَسْجِد الْخَلِيل يُصَلِّي فِيهِ أَولا إِمَام الْمَالِكِيَّة بالرواق الغربي الَّذِي خلف الْحُجْرَة الشَّرِيفَة الخليلية ثمَّ إِمَام الشَّافِعِيَّة فِي الْمِحْرَاب الْكَبِير الَّذِي الى جَانب الْمِنْبَر ثمَّ إِمَام الْحَنَفِيَّة عِنْد مقَام آدم وَهَذَا التَّرْتِيب خلاف التَّرْتِيب بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام فَإِن هُنَاكَ اولا يُصَلِّي إِمَام الشَّافِعِيَّة فِي مقَام ابراهيم تجاه بَاب الْكَعْبَة ثمَّ إِمَام الْحَنَفِيَّة مُقَابل حجر اسماعيل تجاه الْمِيزَاب ثمَّ إِمَام الْمَالِكِيَّة بَين الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيّ والشامي ثمَّ إِمَام الْحَنَابِلَة مُقَابل الْحجر الْأسود وقبلة أهل بَيت الْمُقَدّس وَمَا جاوره من غَزَّة والرملة وَمَا وَرَاء ذَلِك من السواحل جِهَة ميزاب الْكَعْبَة وَحجر اسماعيل عَلَيْهِ السَّلَام فهم يستقبلون الْجِهَة الَّتِي