وَمن أَسمَاء بَيت الْمُقَدّس ورشلم بشين مُعْجمَة وَتَشْديد اللَّام ويروى بِالْمُهْمَلَةِ وَكسر اللَّام ويروى شلم وَمَعْنَاهُ بالعبرانية بَيت السَّلَام وصهيون بِكَسْر الصَّاد الْمُهْملَة وَيُقَال لمَسْجِد بَيت الْمُقَدّس الزَّيْتُون وَلَا يُقَال لَهُ الْحرم وَقد اخْتلف فِي أول من بنى مَسْجِد بَيت الْمُقَدّس قبل دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام فروى بعض الْعلمَاء أَن أول من بناه الْمَلَائِكَة بِأَمْر الله تَعَالَى وَيُقَال أَن الَّذِي بناه إسْرَافيل عَلَيْهِ السَّلَام وَقد روى المحدثون عَن أبي ذَر رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ قلت يَا رَسُول الله أَي مَسْجِد وضع فِي الأَرْض أَولا؟ قَالَ الْمَسْجِد الْحَرَام قَالَ قلت ثمَّ أَي؟ قَالَ الْمَسْجِد الْأَقْصَى قلت كم بَينهمَا؟ قَالَ أَرْبَعُونَ سنة ثمَّ أَيْنَمَا أَدْرَكتك الصَّلَاة فصل فَإِن الْفضل فِيهِ وَقد روى أَن الْمَلَائِكَة بنوا الْمَسْجِد الْحَرَام قبل خلق آدم بألفي عَام فَكَانُوا يحجونه قَالَ الإِمَام أَبُو الْعَبَّاس الْقُرْطُبِيّ يجوز أَن يكون بناه يَعْنِي مَسْجِد بَيت الْمُقَدّس الْمَلَائِكَة بعد بنائها الْبَيْت الْمَعْمُور بِإِذن الله تَعَالَى وَظَاهر الحَدِيث يدل على ذَلِك وَالله أعلم وَمن الْعلمَاء من قَالَ بني مَسْجِد بَيت الْمُقَدّس آدم عَلَيْهِ السَّلَام وَمِنْهُم من قَالَ أسسه سَام بن نوح عَلَيْهِمَا السَّلَام وَمِنْهُم من قَالَ أول من بناه وَأرى مَوْضِعه يَعْقُوب بن إِسْحَاق عَلَيْهِمَا السَّلَام روى أَن أَبَاهُ إِسْحَاق أمره أَن لَا ينْكح امْرَأَة من الكنعانيين وَأمره أَن ينْكح من بَنَات خَاله فَلَمَّا توجه إِلَى خَاله لينكح ابْنَته أدْركهُ اللَّيْل فِي بعض الطَّرِيق فَبَاتَ متوسداً حجرا فَرَأى فِيمَا يرى النَّائِم أَن سلما مَنْصُوبًا إِلَى بَاب من أَبْوَاب السَّمَاء وَالْمَلَائِكَة تعرج فِيهِ وتنزل فَأوحى الله إِلَيْهِ إِنِّي أَنا الله لَا إِلَه إِلَّا أَنا وَقد وَرثتك هَذِه الأَرْض المقدسة وذريتك من بعْدك ثمَّ أَنا مَعَك أحفظك حَتَّى أدْرك إِلَى هَذَا الْمَكَان فأجعله بَيْتا تعبدني فِيهِ فَهُوَ بَيت الْمُقَدّس وَقد تَأَول بعض الْعلمَاء معنى الحَدِيث الشريف الْوَارِد أَن بِنَاء الْمَسْجِد الْأَقْصَى كَانَ بعد بِنَاء الْمَسْجِد الْحَرَام بِأَرْبَعِينَ سنة على أَن المُرَاد بِهِ بِنَاء يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام لمَسْجِد بَيت الْمُقَدّس بعد بِنَاء إِبْرَاهِيم الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام الْكَعْبَة الشَّرِيفَة وَالله أعلم