أتحاجوني فِي الله وَقد هَدَانِي للتوحيد وَالْحق وَلَا أَخَاف مَا تشركون بِهِ وَذَلِكَ انهم قَالُوا لَهُ احذر الْأَصْنَام فَأَنا نَخَاف إِن تمسك بِسوء من خبل أَو جُنُون لسبك إِيَّاهَا فَقَالَ لَهُم لَا أَخَاف مَا تشركون بِهِ إِلَّا إِن يَشَاء رَبِّي شَيْئا وسع رَبِّي كل شَيْء علما _ أَي أحَاط علمه بِكُل شَيْء _ أَفلا تتذكرون ثمَّ لما أَمر الله تَعَالَى إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام ان يَدْعُو قومه إِلَى التَّوْحِيد دَعَا أَبَاهُ فَلم يجبهُ ودعا قومه وَفَشَا أمره واتصلت أخباره بنمروذ وَهُوَ ملك تِلْكَ الْبِلَاد ثمَّ جَاهد إِبْرَاهِيم قومه بِالْبَرَاءَةِ مِمَّا كَانُوا يعْبدُونَ واظهر دينه وَقَالَ (افرأيتم مَا كُنْتُم تَعْبدُونَ انتم وإباؤكم الأقدمون فانهم عَدو لي إِلَّا رب العلمين) فَقَالُوا لَهُ فَمن تعبد أَنْت قَالَ رب الْعَالمين قَالُوا نَحن رَبنَا نمروذ قَالَ (أَنا عبد الله الَّذِي خلقني فَهُوَ يهديني وَالَّذِي هُوَ يطعمني ويسقيني وَإِذا مَرضت فَهُوَ يشفيني وَالَّذِي يميتني ثمَّ يحييني وَالَّذِي اطمع ان يغْفر لي خطيئتي يَوْم الدّين رب هَب لي حكما والحقني بالصالحين وَاجعَل لي لِسَان صدق فِي الآخرين واجعلني من وَرَثَة جنَّة النَّعيم واغفر لأبى انه كَانَ من الضالمين وَلَا تخزني يَوْم يبعثون يَوْم لَا ينفع مَال وَلَا بنُون إِلَّا من أَتَى الله بقلب سليم) قَالَ فَفَشَا ذَلِك الْخَبَر فِي النَّاس حَتَّى بلغ النمروذ فَدَعَاهُ إِلَيْهِ وَقَالَ يَا إِبْرَاهِيم أرايت الْملك الَّذِي بَعثك وَتَدْعُو النَّاس إِلَى عِبَادَته وتذكر عَظِيم قدرته مَا هُوَ فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيم هُوَ رَبِّي الَّذِي يحيي وَيُمِيت فَقَالَ نمروذ أَنا احيي وأميت قَالَ إِبْرَاهِيم كَيفَ تحيي وتميت قَالَ اخذ رجلَيْنِ قد استوجبا الْقَتْل فِي حكمي فَاقْتُلْ أَحدهمَا فاكون قد أمته ثمَّ أعفو عَن الْأُخَر فَاتْرُكْهُ فاكون قد أحييته قَالَ فانتقل إِبْرَاهِيم إِلَى حجَّة أُخْرَى اعجز فان حجَّته كَانَت لَازِمَة لانه أَرَادَ بِالْإِحْيَاءِ أَحيَاء الْمَيِّت فَكَانَ لَهُ ان يَقُول فاحي من أمت إِن كنت صَادِقا فانتقل إِلَى حجَّة أخري أوضح من الأولي (فَقَالَ إِبْرَاهِيم إِن الله ياتي بالشمس من الْمشرق فَاتَ بهَا من الْمغرب فبهت الَّذِي كفر) أَي تحير واندهش وانقطعت حجَّته