وَلما أَرَادَ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام ان يرى قومه ضعف الَّذِي كَانُوا عَلَيْهِ وَضعف الْأَصْنَام الَّتِي كَانُوا يعبدونها من دون الله تَعَالَى وعجزها إلزاما للحجة عَلَيْهِم فَجعل ينْتَظر لذَلِك فرْصَة إِلَى أَن حضر عيد لَهُم وَكَانَ لَهُم فِي كل سنة عيد يخرجُون إِلَيْهِ ويجتمعون فِيهِ وَكَانُوا إِذا رجعُوا من عيدهم دخلُوا على الْأَصْنَام فيسجدون لَهَا ثمَّ يعودون إِلَى مَنَازِلهمْ فَلَمَّا كَانَ ذَلِك الْعِيد قَالَ آزر أَبُو إِبْرَاهِيم لإِبْرَاهِيم لَو خرجت مَعنا إِلَى عيدنا لأعجبك ديننَا فَخرج مَعَهم فَلَمَّا كَانَ فِي بعض الطَّرِيق ألْقى نَفسه وَقَالَ اني سقيم فَقعدَ ومضوا وَهُوَ صريع فَلَمَّا مضوا نَادَى فِي أخرهم وَقد بَقِي ضعفاء النَّاس _ (تالله لاكيدن أصنامكم بعد إِن توَلّوا مُدبرين) فَسَمِعُوا كَلَامه ثمَّ رَجَعَ إِبْرَاهِيم إِلَى بَيت الْآلهَة فَإِذا هم قد جعلُوا طَعَاما فوضعوه بَين أَيدي الْآلهَة وَقَالُوا إِذا رَجعْنَا تكون قد باركت الْآلهَة فِي طعامنا فنأكله فَلَمَّا نظر إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى الْأَصْنَام والى مَا بَين أَيْديهم من الطَّعَام قَالَ لَهُم _ على طَرِيق الِاسْتِهْزَاء _ (أَلا تَأْكُلُونَ) ؟ فَلم يجبهُ أحد مِنْهُم فَقَالَ لَهُم (مالكم لَا تنطقون فرَاغ عَلَيْهِم ضربا بِالْيَمِينِ) وَجعل يكسرهم بفاس فِي يَده حَتَّى لم يبْق مِنْهُم إِلَّا الصَّنَم الْكَبِير فعلق الفاس فِي عُنُقه ثمَّ خرج فَذَلِك قَوْله تَعَالَى (فجعلهم جذاذاً إِلَّا كَبِيرا لَهُم لَعَلَّهُم إِلَيْهِ يرجعُونَ) فَلَمَّا رَجَعَ الْقَوْم من عيدهم إِلَى بَيت آلهتم وَرَأَوا أصنامهم جذاذا إِلَّا كَبِيرا لَهُم (قَالُوا من فعل هَذَا بآلهتنا انه لمن الظَّالِمين) _ أَي الْمُجْرمين _ قَالَ الَّذين سمعُوا كَلَام إِبْرَاهِيم _ حَيْثُ قَالَ وتالله لَا كيدن أصنامكم بعد إِن توَلّوا مُدبرين _ سمعنَا فَتى يذكرهم يعيبهم ويسبهم يُقَال لَهُ إِبْرَاهِيم وَهُوَ الَّذِي نظن انه فعل هَذَا بآلهتنا فَبلغ ذَلِك نمروذ الْجَبَّار وأشراف قومه قَالُوا (فَأتوا بِهِ على أعين النَّاس _ أَي ظَاهرا _ لَعَلَّهُم يشْهدُونَ) عَلَيْهِ انه الَّذِي فعله كَرهُوا ان يأخذوه بِغَيْر بَيِّنَة فَلَمَّا أَتَوا بِهِ (قَالُوا أَأَنْت فعلت هَذَا بآلهتنا يَا إِبْرَاهِيم قَالَ بل فعله كَبِيرهمْ هَذَا)